يبدو أن سياسات «ريشي سوناك» خلال الآونة الأخيرة تلفت الانتباه لما يمكن اعتباره إعادة التثقيف المناخي. في البداية حاول رئيس الوزراء البريطاني إثارة الجدل بأن التنقيب عن المزيد من النفط والغاز الطبيعي مفيد لكوكب الأرض.

ويبدو الآن أنه يقول إن مساعدة بريطانيا على تحقيق التزامها بخفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050 هو الأفضل لأطفالنا. وقد أعلن سوناك عن تحوله الكامل في سياسة المناخ في المملكة المتحدة، بعد أن أثار تسريب خططه إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) غضباً في جميع أنحاء قطاع الأعمال والسياسة. وتشمل التعديلات دفع الحظر على بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل إلى عام 2035 بدلاً من عام 2030، وتأخير التخلص التدريجي من تركيبات مراجل الغاز حتى عام 2035، ونقل حظر غلايات النفط التي تعمل خارج الشبكة إلى عام 2035 بدلاً من عام 2026، والتخلص من اللوائح الجديدة المتعلقة بكفاءة استخدام الطاقة في المنازل.

وانتهى بإلغاء سلسلة من السياسات التي لم تكن موجودة من قبل، بما في ذلك الرسوم المفروضة على الطيران، وضرائب اللحوم، وتقاسم السيارات إجبارياً، ونظام إعادة التدوير المكون من سبع حاويات. وكانت هناك بعض الأخبار الإيجابية أيضاً: ستتم زيادة خطة تطوير الغلايات بنسبة 50% لتقديم خصم بقيمة 7500 جنيه إسترليني (حوالي 9300 دولار) على المضخات الحرارية الجديدة، بينما التزم سوناك بتسريع الاتصالات بالشبكة، والتي أعاقت بشكل كبير طرح الطاقة المتجددة.

وتحدث سوناك عن اتخاذ «نهج يكون عملياً ومتناسباً وواقعياً بشكل أكبر» لأنه عازم على «بناء مستقبل أفضل لأطفالنا». لكن تأخير اتخاذ إجراءات عملية يعني تخفيضات أصعب وأكثر حدة في المستقبل. وعلى الرغم من أنه تحدث عن عدم فرض تكاليف باهظة على البريطانيين، فمن الصعب المبالغة في تقدير الأضرار الإجمالية وتكاليف التراجع عن الأهداف.

ولم يتم اتخاذ التدابير لخفض الانبعاثات فحسب، بل لتشجيع النمو الاقتصادي والاستثمار وتعزيز أمن الطاقة. إن توسيع نطاق التدفئة باستخدام النفط والغاز وإزالة الحوافز لعزل المنازل لن يؤدي إلا إلى ربط الناس بأسعار الوقود الأحفوري المتقلبة لفترة أطول، كما يؤدي إلى ارتفاع الفواتير. كانت رئيسة الوزراء السابقة، ليز تروس، قد كلفت بإجراء تحليل في عام 2022 لسياسات المملكة المتحدة بشأن تغير المناخ للتأكد من أنه يتم تلبيتها بالطريقة الأكثر فعالية من الناحية الاقتصادية وعدم فرض تكاليف غير ضرورية على البريطانيين.

وقد تمخضت المراجعة، التي قادها عضو البرلمان عن حزب «المحافظين» ووزير الطاقة السابق «كريس سكيدمور»، عن وثيقة من 340 صفحة تصف صافي الانبعاثات الصفرية بأنه «الفرصة الاقتصادية للقرن 21»، وتحث الحكومة على مضاعفة العمل. وعلى كل حال، يسلط التقرير الضوء على النتائج التي تشير إلى أن المعروض من السلع والخدمات يمكن أن يصل إلى تريليون جنيه إسترليني (1.2 تريليون دولار أميركي) للشركات في المملكة المتحدة بحلول عام 2030، في حين أن تحول الطاقة يمكن أن يدعم 480 ألف وظيفة.

ويبدو أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يدركان هذه الحقيقة، إذ قامت الدولتان بسن سياسات مناخية جريئة لتحفيز الاستثمار الأخضر. من ناحية أخرى، يبدو أن سوناك عازم على إضافة المزيد من عدم اليقين إلى المشهد السياسي في المملكة المتحدة. ومؤخراً ذكرت صحيفة «التايمز» اللندنية أن سوناك قبل بأن تغيير المسار بشأن حظر السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل من شأنه أن يضر بالصناعة، بينما وعد الوزراء شركة «بي إم دبليو» بعدم نقل الحظر لعام 2030 لتأمين استثمارات بقيمة 600 مليون جنيه إسترليني لصناعة سيارات كهربائية صغيرة في أكسفورد.

يعبر بعض قادة الأعمال بشدة عن عدم رضاهم. وفي هذا الصدد أصدرت ليزا برانكين، رئيسة شركة فورد في المملكة المتحدة، بياناً محدداً، قالت فيه: «يحتاج عملنا إلى ثلاثة أشياء من حكومة المملكة المتحدة: الطموح والالتزام والاتساق. والتخلي عن هدف صفر انبعاثات في 2030 لإحلال السيارات الكهربائية محل سيارات الديزل والبنزين ينسف الأمور الثلاثة».

وتستثمر فورد 430 مليون جنيه إسترليني في مرافق التطوير والتصنيع المحلية. في أعقاب المزاد الفاشل لطاقة الرياح البحرية، تخاطر المملكة المتحدة بإبعاد الاستثمار في التكنولوجيات التي تشتد الحاجة إليها عندما لا نكون ببساطة في وضع يسمح لنا بالقيام بذلك. وأشار سوناك إلى أن المملكة المتحدة كانت رائدة عالمياً في الحد من بصمتها الكربونية، بينما تباطأت الدول الأخرى.

وقد يكون هذا صحيحاً فيما يتعلق بالماضي، ولكن من الخطأ أن نتصور أن تقاعس البلدان الأخرى عن التحرك هو بمثابة ترخيص للتباطؤ. وقد أوضحت لجنة تغير المناخ في المملكة المتحدة، وهي هيئة استشارية مستقلة، بعبارات لا لبس فيها أن الحكومة بحاجة إلى بذل جهود أكبر: «يجب أن يتضاعف المعدل الأخير لخفض الانبعاثات خارج قطاع إمدادات الكهرباء أربع مرات.

والوقت الآن قصير جداً لتحقيق هذا التغيير في الوتيرة». يصر «سوناك» على أنه سيتم تحقيق أهداف الانبعاثات وصافي الصفر، لكن من غير الواضح كيفية حدوث ذلك. ردا على خطابه، قال بيرس فورستر، رئيس اللجنة، إنه على الرغم من ضرورة إجراء التحليل، فإن خطط سوناك يمكن أن تدفع المملكة المتحدة بعيداً عن الوفاء بالتزاماتها.

ومن الجدير تذكير الجميع بأن الوعود منصوص عليها في القانون. يلجأ الشباب بشكل متزايد إلى مقاضاة بلدانهم بسبب فشلها في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. وفي أغسطس، فازت مجموعة منهم على ولاية مونتانا الأميركية. ويمكن أن يحدث نفس الشيء إذا استمرت المملكة المتحدة في السير على هذا المسار.

لارا ويليامز*

*كاتبة متخصصة في تغير المناخ.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج أند سينديكيشن»