المنشآت العقابية والإصلاحية.. حقوق الإنسان أولاً
تحرص الإمارات على تحقيق الريادة العالمية في كل المجالات الإنسانية والتنموية، وسوف يكتمل في أكتوبر القادم إنجازها الرائع باعتماد مجلس حقوق الإنسان قراره الخاص بمخرجات الاستعراض الدوري الشامل للدولة بدورته الرابعة.
ولعل جزءاً من تلك الريادة العالمية التي تحرص الدولة على تحقيقها هو جودة الخدمات المقدمة بالمنشآت العقابية والإصلاحية بالدولة، وتكريس التزامها بقيم ومبادئ حقوق الإنسان، وتعزيز اعتماديتها على برامج الإصلاح وإعادة التأهيل، والالتزام بالقواعد النموذجية المعنية بمعاملة نزلاء المؤسسات الإصلاحية، وتوفير مختلف برامج التدريب وإعادة التأهيل للنزلاء، وضمان تمتعهم بحقوقهم الإنسانية الكاملة، وتوفير أعلى معايير الرعاية الطبية والعناية الإنسانية والتعليمية والاجتماعية والأسرية، وبما يتواءم مع الاستراتيجية الإصلاحية المعتمدة بالدولة، والقائمة على احترام حقوق الإنسان وتعزيز الجوانب التنموية والمعرفية للنزلاء، وبما يوفر الدعم والرعاية التي تمكنهم من القدرة على استعادة حياتهم الطبيعية وإسهامهم الإيجابي في نهضة المجتمع وتقدمه.
واستمراراً لتحقيق وتنفيذ رؤى الريادة والتميز المحلي والإقليمي والدولي، في ضوء توجيهات الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، فقد نالت القيادة العامة لشرطة دبي متمثلة بالإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية بدبي خلال أغسطس الماضي، شهادة الاعتماد الدولية من منظمة الإصلاح الأميركية، بعد أن تمكنت من استيفاء كل المعايير الدولية المعنية بحقوق الإنسان ولأول مرة بنسبة 100%، واستيفاء جميع المعايير الدولية المعتمدة التي وضعتها منظمة الإصلاح الأميركية، وهي المنظمة الدولية الرائدة والمعتمدة في هذا المجال كأكبر وأعرق منظمة عالمية متخصصة منذ أن تأسست عام 1870.
وقد حصل «سجن النساء» بالمؤسسة العقابية والإصلاحية بشرطة دبي على تصنيف أفضل سجن على مستوى العالم تمنح له شهادة مطابقة المعايير، فيما نال «سجن الرجال» التابع لنفس المؤسسة المركز الخامس عالمياً والأول على مستوى الشرق الأوسط. يؤكد هذا الإنجاز التزام شرطة دبي بمواكبة التوجهات والاستراتيجيات الرئيسية لدولة الإمارات المتعلقة بحقوق الإنسان، ونشر الوعي بثقافة الحقوق الإنسانية، والتي تكللت بتحقيق هذا الإنجاز النوعي، بما يؤكد العزم على المضي قدماً نحو تحقيق مزيد من التميز لسجل الإمارات وإنجازاتها الريادية في العالم، وتعزيز التنافسية الإيجابية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وتحرص كل دول العالم على نيل الاعتماد من منظمة الإصلاح الأميركية المعنية بالتدقيق على معايير جودة الحياة وحقوق الإنسان في جميع السجون ومراكز الاحتجاز والتوقيف بالعالم، واعتمادها للمعايير الدولية المعتمدة بحقوق الإنسان من خلال 137 معياراً مرتبطة بسبعة مجالات رئيسية، تتضمن الأمن، والسلامة، والرعاية الصحية، والنظام، والعدالة، والإدارة، والبرامج والأنشطة المقدمة للنزلاء، إضافة إلى العناية بظروف وبيئة النزلاء بالمؤسسات العقابية والإصلاحية وجودة حياتهم، والتنمية الذاتية، وإثراء الجانب المعرفي والعلمي، وإتاحة الفرص لتعزيز قدراتهم الابتكارية بمشاريع وإبداعات ذاتية، إلى جانب دعم الجوانب الإنسانية لأسرهم وأطفالهم، ومنحهم الحرية الكاملة لممارسة شعائرهم الدينية، وإتاحة الفرصة أمام الراغبين باستكمال تعليمهم، ومساعدة المعسرين بالتعاون مع كل الشركاء بالقطاعين الحكومي والخاص، وهي الجوانب التي حرصت الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية والعقابية على تقديمها والعناية لتوفير كل مقومات الحياة الحديثة والكريمة في السجون، وبما يتفق مع المعايير العالمية لضمان استدامة حقوق الإنسان، وانتهاج المؤسسات العقابية بالدولة لمنهجية قائمة على الإصلاح والتأهيل، وإحداث تغييرات في مفاهيم السجون التقليدية المقتصرة على العقاب وحبس الحريات، إلى مفاهيم أرحب، توفر الأمل للنزلاء، واليقين بمستقبل أفضل، وتنتقل بهم من حالات الضياع والتشتت والانحراف إلى طريق الاستقامة والصلاح.
*كاتبة إماراتية