جسور العطاء الإنساني
تمر المملكة المغربية الشقيقة بظروف طارئة جرّاء الزلزال المدمر الذي ضرب عدة مناطق فيها مساء الجمعة 8 سبتمبر 2023 بقوة بلغت 6.8 درجة على سلّم ريختر. ويعد هذا الحدث من أسوأ الكوارث التي مرت على المغرب، إذ أسفر عن أضرار جسيمة وعن مقتل أكثر من ألفي شخص.
كما تواجه ليبيا الشقيقة أوضاعاً طارئة ليست أقل خطراً ولا أخف وطأةً مما يحدث في المغرب، وذلك بسبب إعصار دانيال المروع الذي ضرب البلاد وأدى إلى فيضانات كارثية دمرت العديد من القرى وتسببت حتى الآن في تدمير واختفاء أحياء سكنية بكاملها ومقتل أكثر من 3000 شخص وفقدان أكثر من 10 آلاف آخرين، وسط صعوبات جمة تواجه عمليات الإنقاذ والإغاثة!
وبالعودة إلى تاريخ الكوارث في المغرب الشقيق فقد مرت البلاد بكارثتين مشابهتين في أزمنة مختلفة سبقتا زلزال الجمعة الماضي. فقبل نحو 399 عاماً ضرب مدينة فاس زلزال 11 مايو 1624 الذي يعد من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ المغرب. وحدث زلزال آخر في عام 1960 على بعد حوالي 140 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من منطقة الزلزال الأخير، بقوة 5.8 درجة، وقد تسبب في مقتل ما بين 12 ألفاً و15 ألف شخص.
تداعيات إنسانية في البلدين العربيين الشقيقين، هزات على الأرض وفي البحر وهزات في القلوب والمشاعر نحو شعبين عزيزين، لتبرز على الفور جسورٌ تفيض بالعطاء والمحبة والوفاء سُيّرت من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لنقل المواد الإغاثية الطبية والغذائية ووسائل الإنقاذ والإيواء.
جسورٌ امتدت من بَلَدَيْ الوفاء والعطاء ومبادرات السبق إلى أعمال الخير، معبِّرةً عن مشاعر الإنسانية المتدفقة لدى قيادتي البلدين، تعزيزاً لجسور التضامن والإخاء وتوثيقاً لمبدأ المبادرة وإغاثة المنكوبين، المبدأ الذي طالما التزمت به قياداتنا الحكيمة في مواجهة الكوارث بشتى أشكالها، داخل العالم العربي وخارجه.. فلا تكاد تمر أزمة أو كارثة من أي نوع في أي بقعة على هذا الكوكب إلا وكانت الإمارات والسعودية من أول المبادِرين. إنه تاريخ طويل ناصع سُطر بمداد الكرم والعطاء، وصنعته الأيادي البيضاء التي تمتد أينما كانت الحاجة.
مؤسسات وجمعيات قائمة على العطاء والمبادرة، وكيانات شيدت للإغاثة وسد حوائج المحتاجين حول العالم، تتصدّرها مؤسسة الشيخ زايد بن سلطان للأعمال الخيرية والإنسانية في دولة الإمارات، ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في السعودية، بالإضافة إلى عدد كبير من المؤسسات والجمعيات الخيرية على مستوى البلدين تُعنى بأعمال الخير وتنظيم جمع التبرعات والقيام بالإغاثة ومساعدة المحتاجين والمتضررين في أوقات الكوارث والأزمات.
ندعو الله أن يرفع البلاء عن الأشقاء في المغرب وليبيا، وأن يَعُم الاستقرار في كل المناطق المتضررة، وأن تعود الحياة فيها كما كانت آمنة مستقرة، وأن يتقبّل الله مَن تُوفوا ويربط على قلوب مَن فَقدوا أحبتَهم وأن يعوض بكرمه كلَّ مَن فَقدوا منازلهم، وأن يجعل ما فقدوه مِن أنفس شفيعاً لهم وسبباً في نزول الرحمة والاستقرار إلى مناطقهم. كما ندعو الله أن يمنّ على بلادنا بدوام الأمن والسلام والازدهار ولقادتنا بالأجر والثواب على ما يبذلونه من مبادراتِ خيرٍ وأيادٍ بيضاء.
*كاتبة سعودية