تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول التي لا تعاني كثيراً من مشاكل تلوث البيئة كتلك التي نراها على مستوى العالم، فبيئتها الشاملة أرضاً وسماءً وبحاراً من أنظف ما يتواجد على سطح الكرة الأرضية.

وتوجد لديها مساحات شاسعة من إقليمها الجغرافي لم تمسسها يد البشر ولم تتلوث قط. وتعود أسباب ذلك إلى عوامل تخص دولة الإمارات من حيث المحافظة على البيئة وإبعادها ما أمكن عن أي مظهر من مظاهر التلوث، إما عن طريق تعامل المواطنين مع بيئتهم أو بسبب قيام الدولة بسن القوانين والتشريعات واتخاذ الإجراءات الصارمة التي تهدف إلى حفظ البيئة ومكوناتها من أي سوء أو خطر قد يمسها.

لكن في نفس الوقت هي جزء من هذا العالم الفسيح الذي تلم به منغصات شتى من زاوية تلوث البيئة العالمية. وعليه فإن اهتماماتها البيئية هي عالمية الطابع أكثر من كونها محلية الطابع.

ما سنناقشه ونقوم بمعالجته من قضايا بيئية هي مشاكل متداولة على مستوى الكرة الأرضية وما يتسببه ذلك من تلوث ودمار للبيئة العالمية وتأثير ذلك على البشر كمجتمع عالمي واحد يشمل جميع أمم الأرض من مشارقها إلى مغاربها، بما في ذلك دولة الإمارات. وفي هذا السياق توجد أسباب وجيهة للتفكير بأن المخاطر البيئية والوعي البيئي درجت على أن توضح المنطق الخاص بعالمية المحافظة على البيئة، والبشر عموماً يسمعون بأن المشاكل البيئية تهدد الكون بأكمله.

إن تهديداً كهذا للكرة الأرضية ربما أنه يجب أن يقود البشرية إلى تغيير نمط تفكيرها بحيث تصبح التحليلات وصنع السياسات تميل نحو نمط عالمي يبعدها عن المحلية الصرفة. ويعود السبب في ذلك إلى أن عدداً من المشاكل البيئية - الأيكولوجية كالاحتباس الحراري، واتساع ثقب الأوزون والأمطار الحمضية الأسيدية هي فعلاً ذات طابع عالمي بحكم المسميات التي تعرف بها، وهي يعبر عنها في صيغ من التهديدات لسلامة الأرض.

هناك سؤال مهم يطرح نفسه هو: كيف يمكن للمشاكل البيئية أن تؤثر على العالم أجمع رغم أن البعض منها يبدو محلياً للوهلة الأولى؟ لكن ربما أن الإجابة على هذا السؤال صعبة ومعقدة، فانبعاث الغازات والأبخرة وثاني أكسيد الكربون في الجو هي التي تتسبب في مشاكل الأوزون وتزيد من تلوث الجو، والصناعات الكبرى في الدول الصناعية المتقدمة، ومواقد إحراق النفايات في دول الغرب تمثل هجمات غير متعمدة على البيئة العالمية، لكن كيف يمكن معالجة ذلك ومن هو المسؤول الحقيقي عنها؟

إن المهم في الأمر هنا هو القول بأن مشاكل العالم البيئية المتزايدة تربط حياة البشر في مجتمعات مختلفة هي بعيدة بمسافات واسعة عن بعضها بعضاً. وفي الحين الذي يمكن فيه للأفراد محاولة أن يقللوا التأثير على حياتهم الشخصية إلا أنه من شبه المؤكد استحالة إخفاء الإنسان لنفسه بمنأى عن مظاهر التلوث البيئي القائمة في عالم اليوم.

لا يوجد بشر، وحتماً لا توجد نباتات أو حيوانات مستثناة من ضرر هذه المشاكل، وهذا ليس للقول بأن جميع صيغ التلوث والأخطار البيئية القائمة هي في المطلق عالمية في نطاقها، فهي ليست كذلك، وقدر كبير منها لا يزال يبدو محلياً ومحصوراً في مناطق بعينها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تأثير أي تلوث قابل لأن يصبح جدلياً بسبب التفاصيل الخاصة بالجيولوجيا والجغرافيا المحلية، لكن معظم صيغ وأشكال التلوث والمشاكل البيئية الأخرى تزايدت بشكل ملحوظ في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين وهي مستمرة في النمو.

إن مزيداً من التلوث الحاصل له انتشار عالمي ما يعني أنه في السنوات التي مضت حتى الآن من القرن الحادي والعشرين لا يبدو بأن شعب من شعوب العالم، أو فرد من أفرادها بمنأى عن مخاطر التلوث البيئي الحاصل على مدار العالم، وهذا مؤشر خطير جداً يهدد مستقبل البشرية بطرق بعضها واضح ومعروف، لكن إلى جانب طرق أخرى صامتة ومخفية وغير معروفة لدى العديد من البشر والشعوب.

  *كاتب إماراتي