«AFCC» في السياسة العامة
قُرعَ جرس تذكير وتنبيه للسياسات العامة عندما سُجل في 2018 بأن نسبة عدد المسنين فوق سن 65 تجاوزت نسبة من هم أعمارهم أقل من 5 سنوات على المستوى العالمي، وهذا الأمر مازال يدفع بقوة عالية إلى سياسات عامة مختلفة ومتعددة تقوم وتعمل على خدمة وتمكين المسنين من المشاركة الفعالة والآمنة في مختلف أشكال الحياة.
وفي هذا الشأن تقدم AFCC – المدن والمجتمعات الصديقة للمسنين Age-Friendly Cities and Communities - كدليل إرشادي عالمي- سياسات وخدمات ومعايير تخدم كبار السن. ففي عام 2010، أطلقت منظمة الصحة العالمية (WHO) شبكتها العالمية للمدن والمجتمعات الصديقة للمسنين لإلهام الابتكار والتواصل بين مختلف الدول والشعوب والحكومات والمنظمات، حيث توفر الشبكة منصة لتبادل أفضل الممارسات، وتبادل المعرفة والخبرات، والتعاون في إيجاد حلول مبتكرة لمواجهة التحديات التي تواجه كبار السن، وكل ذلك يدور في هدف بأن تصبح المدن والقرى والمجتمعات أكثر ملاءمة مع المسنين.
تنبثق فلسفة وحكمة AFCC عبر وجود مدن وقرى مثالية في امتلاكها القدرة على خلق وتوفير بيئة مجتمعية ذات خدمات متعددة من الصحة والتنقل والأمن تناسب من هم في سن متقدمة، كما تلفت إلى أهمية الاستفادة من خبرات كبار السن في شتى المجالات، مع فرص التوظيف والعمل التطوعي والتوعوي. وهذه الحكمة كان لها بعد تاريخي مهم، فقد كانت الجمعية العالمية الأولى للشيخوخة World Assembly on Ageing، في فيينا عام 1982، بمثابة الاعتراف بشيخوخة السكان كقضية للبلدان المتقدمة، وهناك أسباب لزيادة نسبة المسنين، أهمها على الإطلاق تطور الطب والخدمات الصحية، إلى جانب تناقص مخاطر العمل. وتأكيداً على استمرار تطور الطب وتوفر خدماتهِ في العالم المرتبطة بزيادة نسبة كبار السن، انتقلت منظمة الصحة العالمية (WHO) من التركيز في الغالب على الصحة والمرض إلى رؤية أوسع لكيفية مشاركة كبار السن في مجتمعاتهم على مستويات عديدة، وفي أول دليل إرشادي لمعايير المدن العالمية الصديقة للمسنين من قبل منظمة الصحة العالمية تم التركيز على المواصلات، السكن، المساحات والمباني الخارجية، الاحترام والاندماج الاجتماعي والمشاركة الاجتماعية، والتوظيف إلى جانب الخدمات الصحية والاتصال والمعلومات.
AFCC تفتح الباب أمام مختلف السياسات والمبادرات والابتكارات بين الدول والأمم والمجتمعات والشركات والصناعات في تمكين كبار السن من المشاركة الفعالة مع حفظ الكرامة لهم، على سبيل المثال، خرجت Dementia-friendly Communities initiative «مبادرة مجتمعات صديقة للخرف» من قبل رئيس وزراء المملكة المتحدة UK، وكانت تهدف إلى خلق مجتمعات أكثر صداقة مع الخرف «الزهايمر» في حلول 2015. ومن الأمثلة المهمة التي نختم بها هنا، هو أن بعض الشركات والصناعات سوف يزداد دورها في تقديم الخدمات المختلفة وحتى الصناعات التي تخدم فئة كبار السن، كوجود هواتف نقالة وأجهزة حاسوب كبيرة الأزرار وغيرها من الصناعات، التي تتوافق مع كبار السن وتتلاءم مع القدرات الجسدية والحسية التي تتناقص مع تقدم العمر.
*كاتب ومحلل سياسي