الإمارات والبيئة.. تجربة ملهمة
لأول مرة يتفق الشرق والغرب في أرقام درجات الحرارة؛ فأينما أدرتَ وجهكَ هذه الأيام لفحتك نسائمٌ ساخنة حارقة، كأنها لفح نار مشتعلة. ورغم أننا في منطقة ذات طبيعة صحراوية حارة الطقس أصلاً، فمن الملاحظ أن الصيف يزداد سخونةً عاماً بعد آخر.
وليس الوقود الأحفوري هو الوحش المتسبب في احترار الطقس، كما تدعي جهات غربية، بل السبب يعود إلى تراكم أفعال وممارسات بدأتها الولايات المتحدة نفسها حين أزالت الكثير من الغابات في أميركا اللاتينية كي تزرع بدلاً منها قصبَ السكر والذُّرة بغية جني الأموال على حساب الكرة الأرضية كلها.
ثم أقامت المصانع الحربية ومصانع السيارات والطائرات.. التي جعلت منها دولةً صناعيةً ناجحةً مادياً، لكنها ضارة بالبيئة! وإذ يوجهون أصابع الاتهام للبترول الذي تتركز مصادره في منطقة الشرق الأوسط، فالواقع أنه مجرد سبب واحد من أصل عشرات الأسباب الكامنة وراء التغير المناخي. وقد امتلكت دولة الإمارات منذ قيامها سجلاً حافلاً بالإنجازات البيئية؛ بما في ذلك جهود التشجير وإنشاء المساحات الخضراء الواسعة، وخطط الدولة للحفاظ على الثروة البحرية.. وغيرها من الخطوات المهمة التي جسَّدت مستوى متقدماً في المجال المناخي.
إن سعي الإمارات الدائم والمتراكم في مجال الحفاظ على البيئة يلمسه كلُّ مَن يعيش على أرضها، وقد بدأت خططها في هذا المجال قبل أن يظهر الحديث حول الاحتباس الحراري. فقبل خمسين عاماً قرر الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تحويل الصحراء القاحلة إلى جنان خضراء، وهو ما تحقق بالفعل. وقد تجسد الحلم الذي بدا للكثيرين في حينه مستحيلاً، وها نحن نحصد اليوم ما زرعه صاحب الأفكار العظيمة، بفضل الله تعالى ثم بجهد جبار لا يعترف صاحبه بالمستحيل.
وما زالت الجهود متواصلة رغم كل شيء، إذ إن الاهتمام بالبيئة قناعة قديمة لدى قيادة الإمارات، ولعل هذا سبب إصرار دول العالم على احتضان الإمارات مؤتمرَ المناخ العالمي، أملاً في الوصول إلى مقترحات وحلول ترضي الجميع وتحقق أهداف الاستدامة على المستوى العالمي.
نحن لا نعيش لوحدنا على الكوكب، و ليس الإنسان وحده مَن ينبغي أن يتمتع بهواء نقي وماء نقي وتربة نقية.. ولكن كذلك الحيوانات والنباتات وسائر الكائنات الحية.. لها كامل الحق في العيش داخل بيئتها بعيداً عن تدخلات البشر وممارساتهم المدمرة للطبيعة.
تعتني دولة الإمارات شديد الاعتناء بالمحميات الطبيعية للحيوانات، خاصة الصحراوية منها والمعرضة للانقراض، إذ بدأ العديد منها في التزايد بعد أن وفَّرت له الدولة كافةَ الوسائل المحفِّزة على البقاء والتكاثر. أرقامنا كبيرة وكثيرة وباعثة على الفخر في مجال الحفاظ على الحياة الفطرية والبيئية.. وعلى أهبة الاستعداد لتقديم تجربتنا ورؤانا خلال الحدث العالمي الذي يعتبر امتداداً لمسيرتنا البيئية في مجال حماية الأرض والبحر والسماء، والتي يحرص الجميع على الاستلهام منها.
*كاتبة إماراتية