في خطوةٍ هي الأولى من نوعها بالشرق الأوسط، أطلقت الهيئة العامة للطيران المدني بدولة الإمارات مشروعَ المجال الجوي الحرّ، الذي يوفر حرية الحركة للطائرات العابرة دون قيود على المسارات الجوية المعتادة، لتعزز مكانة قطاع الملاحة الجوية للدولة في المنطقة. ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز كفاءة الملاحة الجوية واستخدام الموارد والطاقات بشكل أمثل، وتسخير المفاهيم الحديثة في إدارة الحركة الجوية، حيث سيكون لتطبيقه تأثير إيجابي على القطاعين الجوي والبيئي على السواء.

وتماشياً مع مبادرة الإمارات الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، وكذلك استضافة الدولة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «كوب 28»، الذي يأتي تتويجاً لمسيرتها في ملف الاستدامة البيئية، سيؤدي هذا المشروع إلى تحقيق مزايا بيئية مهمة، وذلك من خلال تقليل الأميال المقطوعة للطائرات واختصار مسارات الرحلات، حيث ستستهلك الطائرات كميات أقل من الوقود، وستقلّل من انبعاثات الكربون والتلوث البيئي، بما ينعكس إيجاباً على الاستدامة البيئية.

كما يتوافق إطلاق هذا المشروع التحولي مع إعلان الدولة عام 2023 عاماً للاستدامة، حيث يعتبر هذا المشروع أحد المشروعات التحولية ضمن اتفاقيات الأداء للجهات الحكومية الاتحادية لعام 2022، ويعزز هدف الهيئة العامة للطيران المدني المتمثل في التزامها بالأولويات الوطنية ومنهجية العمل الحكومي الجديدة لدولة الإمارات، بما يتواءم مع المفهوم الأوسع للمشروعات التحويلية، والذي يهدف إلى دفع مسار التنمية في الدولة للسنوات العشر المقبلة وما بعدها.

ويستكمل هذا المشروع ما بدأته الدولة من إنجازات في مجال الطيران بفضل الرؤى الصائبة والتوجيهات السديدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، فقد تبوأت الإمارات المراكز الأولى عالميّاً في تطبيق أعلى معايير سلامة الطيران، وجودة البنية التحتية للنقل الجوي، وتعكس المؤشرات والأرقام حجم التطور الهائل والنمو المستمر، إذ تُسيّر الناقلات الوطنية الإماراتية رحلاتها إلى 108 دول و224 مدينة حول العالم، فيما يضم قطاع الطيران المدني في الدولة 8752 طياراً، و37972 مضيفاً ومضيفة، و4472 مهندساً، إضافة إلى 352 مرحّلين جويين، و49 مركز صيانة، و18 مركزاً طبّياً متخصّصاً و56 مركز تدريب واستشارات.

ولهذا المشروع بُعد اقتصادي مهم، حيث سيوفر سنويّاً ما يفوق 30 مليون كغم من الوقود المستخدم، ووفورات تشغيلية سنوية لشركات الطيران تتعدّى 50 مليون درهم إماراتي، إضافة إلى فوائد تشغيلية غير مباشرة، وسيعزز كفاءة الملاحة الجوية ويدعم اقتصاد شركات الطيران ويسهم بشكل إيجابي في تعزيز الاستدامة في الطيران.

لقد باتت تجربة الإمارات الفريدة في قطاع الطيران، الذي يشهد تطوراً كبيراً وسريعاً، أنموذجاً ملهماً للعديد من دول العالم، وعلامة مميزة في تحويله إلى ركيزة مهمة من ركائز النمو الاقتصادي وتنويع القاعدة الاقتصادية.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.