التخلي عن الهواتف شرط السياحة بجزيرة فنلندية
يتوق المسؤولون في معظم الوجهات إلى الترويج لوجهاتهم على «التيك توك»، أو يحلمون بجذب أعداد كبيرة من مشاهدي شبكة نتفليكس، على الرغم من خطر اكتظاظ المجتمعات بالوافدين.
بيد أن جزيرة صغيرة قبالة الساحل الجنوبي الشرقي لفنلندا تتخذ نهجاً معاكساً. يقول مسؤولو السياحة في «ألكو-تاميو»، وهي واحدة من عدة جزر داخل الحديقة الوطنية لخليج فنلندا الشرقي، إنهم يريدون أن تكون «الجزيرة خالية من الهواتف» ويحثون الزائرين على «إيقاف تشغيل أجهزتهم الذكية والتوقف والاستمتاع بجمال الجزر»، بحسب ما قال «ماتس سيلين»، الخبير في إدارة السياحة البلدية في كوتكا، فنلندا. يتردد صدى هذا الرأي من قبل شركة «باركس & وايلد لايف فنلندا» Parks & Wildlife Finland، التي تدير البيئة النقية والحياة البرية بالجزيرة،
وقال جويل هينو، مدير الترفيه في الهواء الطلق، في بيان: «نشجع الزوار على تنحية هواتفهم جانباً طواعية وتركيز حواسهم على الطبيعة بدلاً من هواتفهم». وفيما يتعلق بالسفر، يعد حجز إجازة خالية من الأجهزة الرقمية في منطقة استوائية اتجاهاً متزايداً يلجأ إليه حتى مديرو الشركات، كما أن خيارات التخلص من السموم الرقمية موجودة منذ فترة طويلة بالنسبة لأولئك الذين يؤثرون الابتعاد عن هواتفهم خلال الرحلات.
لكنها ليست القاعدة في صناعة تعتمد على المؤثرين والمرئيات المذهلة على وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الزوار أو نقل الإحساس بالمكان. ويمكن القول إن حوالي 63% من جيل الألفية والمسافرين الأصغر سناً ذكروا أنهم استخدموا منصة وسائط اجتماعية واحدة على الأقل للتخطيط للقيام برحلات خلال الـ 12 شهراً الماضية، وفقاً لدراسة استقصائية أجريت في يونيو 2023 للمسافرين الأميركيين من قبل الموقع الإلكتروني «ديستينيشن اناليستس» Destination Anaystss. علاوة على ذلك، هل تكون عطلتك قد تحققت بالفعل إذا لم تنشر كل مظاهر المتعة التي استمتعت بها أثناء رحلتك؟
يذكر أن محاولات إقناع المستهلكين بالتخلي عن هواتفهم قد زادت على مر السنين، لا سيما في مجال الترفيه. يشتهر فنان موسيقى الرقص الإلكترونية «لين 8» بحفلاته الموسيقية الخالية من الهاتف، وقد جلبت حشوداً أكبر لعروضه الحية.
وكان «ديف شبيل» و«أليشا كيز» من بين أوائل المستخدمين الذين قاموا بحظر الهواتف في العروض التي يقدمونها من خلال استخدام حقيبة «يوندر»Yondr، التي يعود تاريخها إلى عام 2015: ضع جهاز الآيفون الخاص بك في حقيبة رمادية وخضراء ليمونية تغلق الهاتف بمجرد إغلاقها، يمكنك حملها، لكنك لن تكون قادرا على فتحها حتى تصل إلى محطة إلغاء القفل عند خروجك من الحفل. تُستخدم حقائب قفل الهاتف «يوندر»، ومقرها سان فرانسيسكو، الآن في محاكم ومسارح ومطاعم ومدارس مختارة في الولايات المتحدة تتطلع إلى الحد من استخدام الأجهزة. في يناير 2023، أعلن منتجع «ثيرما باث سبا» الصحي Thermae Bath Spa، الواقع في مدينة باث التاريخية بإنجلترا، أنه سيصبح منطقة خالية من الهواتف المحمولة وأنه سيقيم شراكة مع شركة يوندر.
وأشار المنتجع الصحي النهاري في بيان له إلى أن الهواتف كانت «مصدر إزعاج منتظم» للضيوف، بالإضافة إلى «مشكلة لموظفينا الذين يتعين عليهم استعادة الهواتف التي سقطت في قاع حمامات السباحة». ذكر آخر إصدار للبيانات العامة لشركة «يوندر» أن ما يقدر بمليون عميل استخدموا حقائبها في مارس 2022، وهناك تساؤلات حول ما إذا كانت فعالية الحقيبة قد ازدادت بعد استخدامها في عرض مسرح برودواي «Take Me Out».
لن يتم استخدام حقائب «يوندر» في جزيرة ألكو-تاميو الفنلندية. ولكن وسط تزايد الأدلة على أن وسائل التواصل الاجتماعي تسبب الإدمان ويمكن أن تضعف الصحة العقلية، ربما يكون المزيد من المسافرين على استعداد للتخلي عن هواتفهم في الأماكن الخارجية الرائعة. من الجيد التفكير في أن التنبيه يكفي. إذا لم يكن الأمر كذلك، يمكنك استخدام كاميرا رقمية للحصول على صور رائعة، على الرغم من أنك لن تتمكن من نشرها أثناء وجودك على الجزيرة. وقالت «أنيكا روهونين»، مديرة إنشاء المحتوى بمنطقة «كوتكا هامينا» بفنلندا، عبر البريد الإلكتروني:«ليست هناك حاجة لحظر الفن».
يمكن الوصول إلى جزيرة «ألكو-تاميو» بالقارب الخاص على مدار العام، إذا سمحت الأحوال الجوية، وعن طريق القارب الأجرة أو على متن سفينة سياحية صغيرة خلال أشهر الصيف من «كوتكا»، والتي تقع على بعد ساعة ونصف بالسيارة شرقاً من هلسنكي.
تتوفر أيضاً القوارب الأجرة من هامينا، التي تقع على بعد 20 دقيقة إضافية شرق كوتكا. ويمكنك بعد ذلك التخلي ببساطة عن هاتفك أثناء الاستمتاع بمناظر المياه الخلابة المنعزلة في «ألكو-تاميو» - مع المنحدرات الوعرة وأنواع الطيور التي توجد في القطب الشمالي - من برج المراقبة. ثم يمكنك التجول في القلعة والكهوف التاريخية بالجزيرة، والتي كانت قد استُخدمت في معركتين مع الاتحاد السوفييتي خلال الحرب العالمية الثانية، والمنحوتات الصخرية التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر. لكن نشر أي لقطات أو مقاطع فيديو لك، وأنت تقف على بعد 6 أميال (10 كيلومترات) من الحدود الروسية يجب أن تنتظر حتى تعود إلى فندقك.
ليباويت ليلي جريما*
*صحفية لدى بلومبيرج متخصصة في أخبار السياحة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج أند سينديكيشن»