لجنة التجارة الأميركية.. ومكافحة الاحتكار
بصفتها رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية، تعرف لينا خان قيمة الردع. ووفقاً لكلماتها فإنه «يتعين منع حدوث الصفقات غير القانونية في المقام الأول». فلماذا إذن تتخلى لجنة التجارة الاتحادية عن أفضل رادع على الإطلاق وهو عدم اليقين؟
التنبؤات الدقيقة هي شريان الحياة للأعمال. سواء أكان ذلك في عائدات المستقبل، أم عادات المستهلك أو طول فترة الانكماش.. فلا يوجد شيء أكثر قيمة من معرفة ما هو قادم. والشك، في المقابل، يعيق عمليةَ صنع القرار ويشجع الجمودَ الذي يحبط الثقة اللازمة لنوع المعاملات التي تريد لجنة التجارة الاتحادية إيقافها.
وتضاعف التقاضي بشأن مكافحة الاحتكار أربعة أمثاله في ظل لجنة التجارة الاتحادية ووزارة العدل الحالية، وفقاً لبحث لسكادين، وآربس، وسلايت، وميجر آند فلوم. وكان بعضاً من ذلك هو العمل على ملاحقة هذا النوع من الاندماجات الضخمة التي تخضع دائماً للتدقيق، لكن الكثير منها لم يكن كذلك. وضع في اعتبارك تحدي لجنة التجارة الاتحادية للصفقة المقترحة بقيمة 27.8 مليار دولار بين أمجين وهورايزون ثيرابيوتك الشهر الماضي. وتستند الشكوى إلى حقيقة أن أمجين وهورايزون ليس لديهما منتجات منافسة.
لقد كان تغيير التفكير الراسخ لمكافحة الاحتكار لتتبع نظريات جديدة عن المنافسة سمة مميزة للجنة التجارة الاتحادية في عهد خان. والتعاملات الكبيرة والصغيرة، في الصناعات، من المحركات النفاثة إلى علاجات السرطان، إلى الواقع الافتراضي، واجهت جميعُها معارضةً. ومع ذلك أعادت لجنة التجارة الاتحادية إلى الشركات هدية اليقين. إنهم يعلمون، أو على الأقل يمكنهم أن يفترضوا بأمان، أن المنظم سوف يتحرك لمنع أي صفقة حتى ولو كان هناك تلميح من التداخل التنافسي.
وبعبارة أخرى، ما لم يكن معروفاً أصبح قابلاً للقياس الكمي والشركات تتعامل بشكل أفضل مع ذلك. وقال إيثان كلينجسبيرج، الشريك والرئيس المشارك لعمليات الاندماج والاستحواذ في شركة فريشفيلدز بروكهاوس ديرنجر: «قبل عامين، كانت المجالس ستشعر بالذهول تماماً من فكرة أنك، فجأةً، تخبرهم أنه يتعين عليهم التقاضي.. لإنجاز الصفقة.
في هذه المرحلة، هذا جزء من اللعبة». ولعبة الاستحواذ والاندماج قد تحتاج إلى اثنين، ولم تعد تعهدات المشتري التقليدية، مثل رسوم التفكيك والشروط الجزائية كافية. وقال أنو اينجار، رئيس عمليات الاندماج والاستحواذ في جيه. بي. مورجان: «بدلاً من ذلك، ما تحتاجه هو التزام حقيقي من كلا الطرفين للقول إننا سنحاربها، وسنلعب من أجل الفوز». وبالنسبة للجنة التجارة الاتحادية، بدأ الاستخدام المكثف للتقاضي يبدو وكأنه نصر قصير الأجل ويخاطر بالتحول إلى خطأ فادح. ومثل الشجاع الذي يخطو إلى حلبة الملاكمة ويبدأ في التأرجح، سددت لجنة التجارة الاتحادية في عهد خان بعض اللكمات لكنها كشفت عن تكتيكها الوحيد. وتعرف الشركات ما الذي تواجهه، وهي معركة يمكن أن تفوز بها في كثير من الأحيان.
وهناك مشكلة مرتبطة بتخصيص موارد الوكالة على نطاق واسع للغاية. ولم يتم تصميم لجنة التجارة الاتحادية للقتال عبر جبهات كثيرة كما هي مفتوحة، كما أنه ليس من الواضح أنها تستطيع القيامَ بذلك. وإذا قررت الشركاتُ محاربةَ الدعاوى، والكثير منها يفعل ذلك بالفعل، فلن يكون أمام لجنة التجارة الاتحادية خيار سوى الانسحاب من بعضها، مما يفاقم إضعاف ردعها ضد المحتكرين المحتملين.
وبطبيعة الحال، فإن افتراض عدم اليقين له حدوده. وليس من المرجح أن يحاول السجين الهروبَ إذا كان متأكداً أنه سيتم القبض عليه، ولن تحاول شركة ما إبرام صفقة مضادة للمنافسة بجسارة على أساس أنها تعرف بالفعل أنه ستتم مقاضاتها. لكن هذه ليست الصفقات التي تتعامل معها لجنة التجارة الاتحادية، لأنها لا تحدث. بل تسعى الوكالةُ إلى عمليات اندماج تتمتع، بناءً على سابقة تاريخية على الأقل، بفرص جيدة للنجاح في المحكمة، مثل استحواذ شركة إلومينا على شركة جريل مقابل سبعة مليارات دولار. وبالاعتماد على الوقت الذي قضاه في قيادة الدبابات في الحرب العالمية الأولى، طوّر المحلل النفسي الإنجليزي ويلفريد بيون نظريتَه حول الهجمات على الربط.
واقترح أن هدف العدو ليس فقط إلحاق الضرر بل تعطيل قدرة هدفه على التفكير وإحباط اتخاذ القرار. وبجعل استجابة وكالتها لعمليات الاندماج والاستحواذ قابلة للتنبؤ بها، تفقد خان قدرتها على إحداث رعب الارتباك. ويتحول التقاضي ضد الاحتكار من مخاطرة خارجية، شيء يجب تجنبه بأي ثمن، إلى مجرد كلفة أخرى لممارسة الأعمال التجارية.
إد هاموند*
*صحفي اقتصادي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»