الطاقة المتجدِّدة في الإمارات: خطوات نحو مستقبل مستدام
في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتغيِّرة، التي تمرُّ بها الدول على مستوى العالم، تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى توفير الطاقة التي تحتاج إليها الدولة حاليًّا وفي المستقبل من مصادر طاقة نظيفة تخفِّض البصمة الكربونية، من خلال تقليل الاعتماد على إنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري، وصولًا إلى أهدافها في الحياد الكربوني.
وقد سبقت الإمارات دول المنطقة في تبنِّي حلول الطاقة النظيفة، واستراتيجياتها، ما مكَّنها من أداء دور حيوي بهذا المجال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكان لها مبادرات ومشروعات مختلفة في هذا الشأن. ومن أهم هذه المشروعات إنشاء مدينة «مصدر»، التي تستخدم الطاقة من مصادر متجدِّدة، في عام 2008، فضلًا عن مشروع محطة الظفرة للطاقة الشمسية، وهو أكبر مشروع للطاقة الشمسية من نوعه في العالم، ويهدف إلى إنتاج 2 جيجاوات من الطاقة الشمسية بحلول نهاية عام 2023، ما سيعزز استخدام الطاقة الشمسية، ويقلل الانبعاثات الكربونية من محطات الطاقة في الدولة.
وإضافةً إلى الطاقة الشمسية تُنوِّع دولة الإمارات أيضًا مصادرها من الطاقة النظيفة عن طريق الاستثمار في مشروعات الطاقة الكهرومائية والطاقة النووية، مثل محطات براكة للطاقة النووية، التي من المتوقَّع أن تنتج 5600 ميجاوات من الطاقة النظيفة.
وتأتي هذه المبادرات في إطار استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، التي تهدف إلى زيادة نسبة الطاقة المتجدِّدة والنظيفة في مزيج الطاقة الوطني إلى 50 في المئة بحلول عام 2050. وتشمل الاستراتيجية أيضًا تخفيض استهلاك الطاقة بنسبة 40 في المئة، وتحسين كفاءة الطاقة بنسبة 50 في المئة بالمدة نفسها.
وبجانب الاستثمار في مشروعات الطاقة الاستراتيجية حفَّزت الإمارات شركات القطاع الخاص، والبحث العلمي، لما يحقق للدولة الوصول إلى الاقتصاد المعرفي، والأهداف الاستراتيجية للحكومة، لتطوير تقنيات الطاقة المستدامة. وإضافةً إلى ذلك تضع الإمارات خططًا طموحة لتحسين كفاءة الطاقة في القطاعات المختلفة، ومنها قطاع النقل، إذ تشجِّع استخدام المركبات الكهربائية، وتطوير البنية التحتية التي تتطلبها، ما يسهم في خفض استهلاك الوقود وانبعاثات الغازات الدفيئة.
وعلى المستوى الإقليمي تسعى دولة الإمارات إلى تعزيز التعاون مع الدول المجاورة في مجال الطاقة المتجددة والطاقة البديلة، إذ تتبادل الدولة الخبرات والتكنولوجيا ذات العلاقة مع الدول العربية الأخرى، من أجل تعزيز استخدام الطاقة النظيفة، وتحقيق التنمية المستدامة على مستوى المنطقة.
وتمثل الطاقة النظيفة جزءًا حيويًّا من الاستراتيجية الوطنية لدولة الإمارات للوصول إلى الحياد الكربوني، عبر الاستثمار في مشروعات الطاقة النظيفة، وتحسين كفاءة الطاقة، وتعزيز التعاون الإقليمي. وستستضيف الدولة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP 28، ما سيعزز دور دولة الإمارات الحيوي في التحول العالمي إلى الاقتصاد الأخضر، وبهذه الخطوات تسعى الإمارات لتكون رائدة في مجال الطاقة المستدامة، وتقديم نموذج يُحتذَى به في الشرق الأوسط والعالم.
*أستاذ مساعد في قسم الهندسة النووية في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا