تحول في العمل العربي المشترك
يمكن وصف فعاليات الاجتماع الثالث لـ«اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة»، والذي انعقد في المملكة الأردنية الهاشمية مؤخراً، بأنه يشكل تحولاً مميزاً في مسار العمل العربي المشترك. فهذه الشراكة تبشر بزيادة نموها مستقبلاً، ولو أنها تقتصر حالياً على أربع دول عربية هي الإمارات والأردن مصر والبحرين. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن دولة الإمارات قاطرة اقتصادية مهمة لهذه الشراكة، لما تتميز به من خبرة وقدرة على تمويل المشروعات وعلى إيجاد الحلول السريعة، مع ما تتمتع به من قوة ناعمة لا غنى عنها، ومن إمكانيات كبيرة لإدخال التكنولوجيا الجديدة وأنماط الإدارة الحديثة وأساليب الرقمنة.
ونظراً للأهمية التي توليها دولة الإمارات لهذا التجمع العربي التنموي، فقد وجَّه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تحياتِه وأُمنياتِه الصادقة لدول الشراكة بالتوفيق والنجاح، وقد نقلها معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، والذي قال في مستهل كلمته أمام المجتمعين، إن «دولة الإمارات، وتماشياً مع توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، تواصل التركيز على التعاون وتكامل الجهود من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، وتعزيز الشراكة مع دول المنطقة، والاستفادة من المزايا التنافسية النوعية، والإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها الدول الأعضاء في الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة، لزيادة النمو في المجتمعات، وتحقيق المستهدفات الاقتصادية والاجتماعية، وبناء قاعدة صلبة لتعاون صناعي يعود بالنفع على مجتمعاتنا». وأضاف معالي الدكتور الجابر: «لقد بدأنا بتحقيق نجاحات ملموسة في هذه الشراكة، ونحن أمام نموذج بارز للشراكات الصناعية بين شركات القطاع الخاص في هذه الدول، بما يثبت قدرتَنا جميعاً على التخطيط والتكامل والانطلاق نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجية للشراكة».
وفي السياق ذاته، شهد رئيسُ الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة مراسمَ توقيع اتفاقيات الشراكة، بحضور وزراء الصناعة في الدول الأربع، خلال أعمال الاجتماع الثالث للجنة العليا للشراكة، حيث تم الإعلان عن 12 اتفاقية وشراكات في تسعة مشاريع صناعية تكاملية، بقيمة استثمارية تتجاوز ملياري دولار في قطاعات حيوية. وتسهم هذه المشروعات في زيادة الناتج المحلي في بلدان الشراكة بقيمة تتجاوز 1.6 مليار دولار، وفي خلق نحو 13 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة.
ولا يتسع المقال للتفصيل حول الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة، لكن يمكن أن نجمل مصفوفة المشروعات الصناعية المرسومة بين الدول الأربع: «ام جلوري» الإماراتية تستثمر 550 مليون دولار لإنشاء ثلاثة مصانع للسيارات الكهربائية في الإمارات والأردن ومصر. و«سي إف سي» المملوكة لمستثمرين إماراتيين تنشئ مجمعاً صناعياً للأعلاف والكيماويات في مصر باستثمار قدره 400 مليون دولار. كما تستثمر «الإمارات للألمنيوم» 200 مليون دولار لإنشاء مصنع للسيليكون المعدني في الإمارات، واتفاقية مع «المناصير» الأردنية لتوريد السيليكا.
وبما أن مجموعة العمل العربي المشترك، بدولها الأربع المتميزة وتفاهماتها، وبما تمتلكه من خبرات متنوعة، يمكن لها أن تشكل تكاملاً نوعياً فيما بينها وتكون قادرة على الاستمرارية في العمل المشترك، بما يحقق المنافع والنتائج المرجوة، فإنها بلا شك ستشكّل منصةَ جذب لباقي الدول العربية مستقبلاً، وبذلك فستمثل نواةً للعمل العربي المشترك المثمر.