ما بين الإمارات وعُمان
لا تعرف مِن أين تبدأ ولا أين تنتهي عند الحديث عن العلاقات الإماراتية العمانية، وقد تكون منطقة «النحوة» شاهداً على أنّ تلك العلاقات لا بداية لها ولا نهاية، بحيث يبقى أي حديث عن العلاقات الإماراتية العمانية قاصراً عن الإحاطة بها، فتلك المنطقة الصغيرة تابعة لإمارة الشارقة، وهي جزء من دولة الإمارات، وتقع داخل ولاية مدحاء، وهي جزء من سلطنة عُمان، وهذه الولاية العمانية محاطة بالكامل بأراضٍ تابعة لدولة الإمارات.
ومنطقة النحوة الإماراتية، وكذلك ولاية مدحاء العمانية، ليستا أراضي خالية من السكّان، بحيث لا يحتاج الأمر إلى تنظيم بشري، بل المكانان آهلان بالمواطنين الإماراتيين في «النحوة» والمواطنين العمانيين في «مدحاء»، كما توجد فيهما المؤسسات الحكومية للبلدين جنباً إلى جنب، ولولا بعض الاختلافات البسيطة، من قبيل اختلاف لوحات أرقام السيارات الواقفة أمام البيوت هناك، لما عرفتَ أين تبدأ وأين تنتهي تلك الحدود، فهي شأنها شأن العلاقات الإماراتية العمانية، لا بداية لها ولا نهاية.
وليست «النحوة» المحاطة بالأراضي العمانية، أو «مدحاء» المحاطة بالأراضي الإماراتية، الشاهدَ الوحيد على استثنائية العلاقات الإماراتية العمانية، فهناك أخوَّة طبيعية بين مدينة دبا ومحافظة مسندم، وأخوّة طبيعية بين مدينة العين وولاية البريمي، وأخوّة طبيعية بين مدينة حتا وولاية محضة، هذا إلى جانب الحدود الأخرى المشتركة بين الدولتين.
وهذه الأخوّة بين الإمارات وعُمان على مستوى الإمارات والمدن والمحافظات والولايات، وإن كانت من هبات الطبيعة، فالطبيعة تقف موقف الواهب، ولا بدّ مِن موهوب له، وهم الإماراتيون والعمانيون، الذين قدّروا على مرّ الأزمان تلك الهبات الطبيعية، وصنعوا معاً أخوّة استثنائية.
وهذه الهبة الطبيعية في الكثير من أجزاء العالم تصنع جيرةً بين الدول والشعوب، لا أكثر ولا أقل، فهذه الدولة جارة لتلك الدولة، أما هذا الذي بين الإمارات وعُمان، وبين الإماراتيين والعمانيين، فليس مجرد جيرة، بل أخوّة صادقة وصافية، ولولا أنه لا توجد علاقات أسمى من علاقات الأخوّة، لكانت العلاقات الإماراتية العمانية هي ذلك الوصف الذي يتجاوز حتى الأخوّة.
ولمّا قلتُ في مستهل هذا المقال إنّ المرء يُحار من أين يبدأ وأين ينتهي عند حديثه عن العلاقات الإماراتية العمانية، فها نحن ذا لم نذكر إلا النزر اليسير عن وجه من أوجه تلك العلاقات، ألا وهو الأخوّة على مستوى الطبيعة، وثمة الكثير من جوانب العلاقات العميقة والمتجذرة والممتدة والمتينة بين الإمارات وعُمان، وكأنما هي العلاقات بين أعضاء الجسد الواحد، أو العلاقات بين مكوّنات الطبيعة.
وها هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، يزور سلطنةَ عُمان تلبيةً لدعوة من أخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم من طارق بن تيمور آل سعيد، سلطان عُمان، لترسيخ الراسخ، وتأكيد المؤكد، من عمق العلاقات الأخوية بين قيادتي وشعبي البلدين.
*كاتب إماراتي