غذاء آمن.. صحة أفضل
يصاب واحد من كل عشرة أشخاص، أي عُشر أفراد الجنس البشري خلال العام الواحد، بمرض من الأمراض المنقولة بالغذاء، والتي يبلغ عددها أكثر من 200 مرض، بعضها بسيط وخفيف، والبعض الآخر مميت وقاتل. وهو ما دفع بالجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2018 إلى تأسيس اليوم العالمي لسلامة الغذاء (World Food Safety Day)، والذي يحل كل عام في السابع من شهر يونيو، ويشرف على تنظيم فعاليات منظمة الصحة العالمية بالمشاركة مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، بالإضافة الجهات المختصة والمنظمات المعنية في مختلف دول العالم.
وحملت فعاليات العام شعار (غذاء آمن، صحة أفضل) لتسليط الضوء على الدور الذي يلعبه الغذاء الصحي الآمن في ضمان صحة الإنسان، مع الدعوة لتبني إجراءات وتدابير ترفع من مستويات السلامة الغذائية وتخفف من العبء المرضي للأمراض المنقولة بالغذاء.
حجم هذا العبء المرضي يتضح من حقيقة أن من بين 600 مليون يصابون سنوياً بأحد الأمراض المنقولة بالغذاء، يلقى من بين هؤلاء 420 ألف شخص حتفهم سنوياً بسبب مرضهم. وللأسف، يتحمل الأطفال دون سن الخامسة العبء الأكبر من الأمراض المنقولة بالغذاء، أو نسبة 40 في المئة بالتحديد، حيث يتوفى 125 ألف سنوياً من أفراد هذه الفئة العمرية، بسبب مرض انتقل إليهم مع غذائهم.
وبخلاف هذا الثمن الإنساني الفادح، تشير التقديرات إلى أن الأمراض المنقولة بالغذاء، تكلف اقتصادات الدول منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل نحوي 100 مليار دولار سنوياً (370 مليار درهم)، وفي 28 من هذه الدول - بعضها من أفقر دول العالم- يتحمل الاقتصاد الوطني خسائر تتعدى الـ500 مليون دولار، على حسب دراسة صدرت عن البنك الدولي. ولذا، بالنظر إلى الثمن الإنساني، والخسائر الاقتصادية الهائلة، تعتبر الأمراض المنقولة بالغذاء، واحدة من أهم قضايا الصحة العامة، على الصعيد الوطني، والإقليمي، والدولي. وإذا ما خصصنا بالحديث هنا التسمم الغذائي من بين طائفة الأمراض المنقولة بالغذاء، فسنجد أنه ينقسم إلى قسمين رئيسيين، قسم ينتج عن وجود ميكروب في الغذاء، وآخر ينتج عن وجود سموم في الغذاء، سواء كانت صناعية أم طبيعية أم ناتجة عن جراثيم وميكروبات.
وهو ما يعني أن النوع الأول هو عدوى تقليدية تتم عن طريق تناول غذاء ملوث بالميكروب، أو الفيروس، أو الطفيلي، تغزو على إثرها هذه الجراثيم الجسم عن طريق الجهاز الهضمي، لتسبب حزمة متنوعة من الأمراض المختلفة. أما القسم أو النوع الثاني، فهو ببساطة نوع من التسمم الكيميائي، بالسموم الطبيعية أو الصناعية، تظهر فيه الأعراض بسبب دخول كمية من السم إلى الجسم، فتسبب اضطراباً لأعضائه وأجهزته الحيوية.
* كاتب متخصص في الشؤون العلمية.