العدوى في مؤسسات الرعاية الصحية
أظهر وباء كوفيد-19، وغيره من الأوبئة التي وقعت مؤخراً، دور منشآت الرعاية الصحية في المساهمة في نشر العدوى، والتسبب في أذى وضرر للمرضى، ولأفراد الطاقم الطبي، والزائرين، إذا لم تتخذ الإجراءات والاحتياطات الكفيلة بمنع انتقال العدوى.
هذه الحقيقة عاد ليؤكدها تقرير صدر مؤخراً عن منظمة الصحة العالمية، حيث أظهر هذا التقرير أن اتباع الممارسات الجيدة وغير المكلفة، مثل الاهتمام بنظافة وغسل اليدين، يمكنه أن يمنع 70 في المئة من حالات انتقال العدوى داخل مؤسسات الرعاية الصحية.
فالمعروف أن مؤسسات الرعاية الصحية وخصوصاً المستشفيات، هي مكان يسهل فيه انتقال العدوى من مريض إلى آخر، ضمن ما يعرف طبياً بعدوى المستشفيات. هذا المصطلح أو التشخيص الطبي، يطلق عادة في حالة المرضى الذين حجزوا لسبب أو آخر في مستشفى، وظهرت عليهم أعراض عدوى ميكروبية، بعد 48 ساعة من دخولهم المستشفى، أو خلال الثلاثين يوماً التالية لخروجهم. ولبيان خطورة هذه المشكلة، يكفي أن نسترجع بعض الإحصائيات الصادرة من دول مختلفة، عن عدد حالات عدوى المستشفيات، وحجم الوفيات الناتجة عنها.
ففي الولايات المتحدة مثلاً، يقدر مركز التحكم في والوقاية من الأمراض وقوع 1.7 مليون عدوى سنوياً داخل المستشفيات الأميركية، تتسبب سنوياً في 99 ألف وفاة. بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن واحداً من كل عشرة أشخاص يتم حجزهم في مستشفى في الولايات المتحدة، يتعرض لهذا النوع من العدوى، وهو ما يعادل مليوني مريض، يكلف علاجهم ما بين خمسة إلى أحد عشر مليار دولار سنوياً.
ويمكن الافتراض بدرجة عالية من الثقة، أن جميع دول العالم دون استثناء، والمستشفيات الموجودة في هذه الدول، يتعرض فيها نسبة لا يستهان بها من المرضى للعدوى أثناء تلقيهم العلاج، والفرق الأساسي بين دولة وأخرى، هو أن البعض يعترف بوجود المشكلة، بينما يفضل البعض الآخر إنكار وجودها داخل مؤسساته الاستشفائية، وهو ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى إجراء مسح عالمي، وتنفيذ برامج مشتركة مع العديد من الدول الأعضاء خلال الأعوام الخمسة الماضية، لتقييم مدى الالتزام بتنفيذ إجراءات التحكم في ومنع العدوى داخل مؤسسات الرعاية الصحية على المستوى الوطني.
وبمقارنة بيانات 2017-2018 بمثيلتها خلال 2021-2022، لم تزداد نسبة الدول التي يتم فيها تنفيذ برامج وطنية للتحكم في ومنع العدوى، بل إنه خلال 2021-2022 ومن بين 106 دول خضعت للمسح، بلغت نسبة الدول التي تمتلك المتطلبات الأساسية لمنع العدوى ضمن برامج وطنية، 3.8 في المئة فقط. كما بلغت نسبة مؤسسات الرعاية الصحية المستوفية للحد الأدنى في هذه الدول، على صعيد متطلبات برامج التحكم في ومنع العدوى، 15.2 في المئة فقط، حسب مسح منظمة الصحة العالمية عام 2019.
* كاتب متخصص في الشؤون العلمية.