هل يتحول كوفيد-19 إلى مرض مزمن؟
أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مؤخراً، عن عزمها توصيف كوفيد-19 طويل المدى كأولوية صحية وطنية، مع تفعيل خطة لدعم ومساندة الجهود الرامية لتحقيق الوقاية، والتشخيص، والعلاج لهذه الحالة الطبية الفريدة، وذلك من خلال برنامج بحثي تشارك فيه عدد من الوكالات والهيئات الحكومية والعلمية المعنية، والمتخصصة في مجال الصحة العامة. وكوفيد-19 طويل المدى، أو منظومة كوفيد-19 المزمنة (Chronic COVID Syndrome)، هي حالة صحية تتميز بتبعات طويلة المدى، تستمر بعد انتهاء فترة النقاهة من الإصابة بفيروس كوفيد-19.
بمعنى، أن المصابين بالفيروس، بعد شفائهم، واكتمال نقاهتهم، يظل بعضهم يعاني من أعراض متنوعة ومتعددة لفترة طويلة. هذه الأعراض قد تشمل الشعور الدائم بالإرهاق، والصداع، وضيف التنفس، وفقدان حاسة الشم، ووهن وضعف العضلات، والحمى المنخفضة، وأحياناً تراجع القدرات العقلية الذهنية.
ويصيب كوفيد-19 طويل المدى جميع الأعمار، والأعراق، والذكور والإناث بمعدلات متقاربة. وإنْ كان بعد مرور عامين، وإصابة قرابة نصف مليار شخص بالفيروس، ووفاة أكثر من ستة ملايين منهم، وتزايد عدد المصابين بكوفيد19 طويل المدى بشكل مضطرد، لا زال لا يوجد علاج فعال، أو اختبار محدد يؤكد تشخيص الإصابة. بل إن الأطباء والعلماء لا زالوا لا يدركون بشكل كامل طبيعة الأعراض، أو مدى استمرارها، أو لماذا يصاب بها البعض دون الآخرين. وخصوصاً أنه يمكن الإصابة بعد عدوى نتج عنها أعراض بسيطة، أو لم ينتج عنها أية أعراض أساساً.
وحتى الاسم العلمي والتوصيف يتباين ويختلف بين الجهات والمراكز العلمية، فيُعرّف المركز الأميركي للوقاية من والتحكم في الأمراض كوفيد-19 طويل المدى على أنه: مجموعة من المضاعفات الصحية التي تستمر لأكثر من أربعة أسابيع، بينما تضيف منظمة الصحة العالمية للتعريف ضرورة أنه لا يمكن تفسير هذه المضاعفات بتشخيص آخر.
والشيء الوحيد المؤكد حالياً، هو أن كوفيد-19 طويل المدى سيكلف اقتصادات الدول ونظم الرعاية الصحية مليارات الدولارات. ففي الولايات المتحدة فقط، وحتى يناير الماضي، يُقدر أن كوفيد-19 طويل المدى، كلف الاقتصاد الأميركي 386 مليار دولار، بين فاقد إنتاجية، وتغيب أو تعطل عن العمل، بالإضافة إلى نفقات الرعاية الطبية اللازمة.
هذه التكلفة الاقتصادية يتوقع أن تزداد بمرور الوقت، في ظل بعض التقديرات بأن معدلات الإصابة قد تصل إلى 80% بين من تعرضوا سابقاً للعدوى بالفيروس. وهو ما سيترجم في النهاية إلى عشرات الملايين من الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية صحية لفترات طويلة، وبالتزامن مع تراجع إنتاجيتهم الاقتصادية، وربما حتى فقدان وظائفهم ومصدر رزقهم.
* كاتب متخصص في الشؤون العلمية