«يومكس» و«سيمتكس».. قصة نجاح مستدام
يعد معرضا «يوكس وسيمتكس 2022»، اللذان انطلقا خلال الفترة من 21- 23 فبراير الحالي من أكبر المعارض المتخصصة عالمياً من حيث النمو والتنوع والتطور، ويشكلان نافذة مهمة تطل من خلالها الصناعات الدفاعية والعسكرية وخاصة في مجالات الأنظمة غير المأهولة وأنظمة المحاكاة والتدريب بدولة الإمارات العربية المتحدة على العالم، لتسرد قصة ازدهارها وتطورها ونجاحها المستدام الذي يواكب الصناعة العالمية ومستجداتها في المجال العسكري والدفاعي، حيث يأتي تنظيم هذين المعرضين من منطلق حرص القوات المسلحة بدولة الإمارات على تعزيز وتطوير قدراتها، من خلال إطلاعها على أحدث ما توصلت إليه التقنيات والابتكارات العالمية في مجالات الأنظمة غير المأهولة وأنظمة المحاكاة والتدريب، واستخدامها بما يتناسب مع الاحتياجات التسليحية والاستراتيجية وتوظيفها بالشكل الأمثل تسليحاً وتجهيزاً وتدريباً، وكذلك لمواكبة التطورات والمستجدات التي شهدها قطاع الأنظمة غير المأهولة والمحاكاة والتدريب خلال السنوات القليلة الماضية، حيث حققا معدلات نمو متسارعة، إضافة إلى الطفرة الكبيرة للتقنيات والتكنولوجيا المستخدمة في هذا القطاع الحيوي.
دولة الإمارات تمتلك تجربة متميزة في مجال الصناعات الدفاعية وتحديداً في مجالات الأنظمة غير المأهولة، ليس لأنها تحققت بإسهام أياد إماراتية مبدعة فقط، وإنما أيضاً لأنها ثمار سنوات من التخطيط الاستراتيجي والاستثمار الناجح في هذه الصناعات والصناعات الداعمة لها أيضاً، حتى أصبحت واحدة من أهم القوى الإقليمية الصاعدة في مجال الصناعات الدفاعية والعسكرية.
الاهتمام بالصناعات الدفاعية والعمل على تطويرها وخاصة في مجالات الأنظمة غير المأهولة وأنظمة المحاكاة والتدريب يمثل أحد أهم محاور استراتيجية القوات المسلحة في دولة الإمارات، فإذا كان المستوى الثقافي والتأهيل العلمي والمعرفي لأفراد القوات المسلحة يعد محدداً رئيسياً لمدى قدرة الجيوش على استيعاب التقنيات والعتاد العسكري الحديث واستخدامها بفعالية في مسرح العمليات، فإن اهتمام القوات المسلحة بدولة الإمارات بتأهيل وتدريب أفرادها علمياً ومعرفياً، يعظم فرص الاستفادة من التطوير الحاصل في مجال التصنيع العسكري بالدولة، ويجعل الصناعات تساير احتياجات قواتنا المسلحة ومختلف المهام التي تقوم بها في مختلف الظروف والأوقات والمناطق الجغرافية.
تعد الصناعات الدفاعية فرعاً أساسياً من فروع الصناعة الوطنية. وفي أغلب الدول المتقدمة صناعياً لا يمكن الفصل بينها وبين الصناعات المدنية، حيث تتولى الشركات الصناعية إنتاج السلع والمعدات، وهناك العديد من الأمثلة لتلك الحالات، كشركة بوينج وإيرباص وجنرال إلكتريك وساب وغيرها الكثير من الشركات المشهورة في الإنتاج الصناعي المدني وإنتاج أنظمة أسلحة ومعدات عسكرية متطورة، تشمل الطائرات الحربية والصواريخ المتطورة والأنظمة غير المأهولة، ويشكل الإنتاج العسكري أحد فروعها وقسماً أساسياً من نشاطها العام.
في جميع الدول الكبيرة والعريقة في الصناعات العسكرية والدفاعية، توجد علاقة وثيقة بين صناعات الدول على المستوى المدني والعسكري، حيث تستفيد هذه الصناعة بشكل أساسي من الصناعات في القطاعات المختلفة، باعتبارها رافداً لها، سواء من حيث التعاون أو تبادل الخبرات أو الاستفادة من البحوث التي يجريها الطرفان، إضافة إلى استغلال التداخل والتكامل بين مختلف الصناعات لصالح الصناعات العسكرية والدفاعية، على الرغم من أن كلاً منهما صناعة مستقلة، فإن ثمة مراحل إنتاجية متشابكة بينهما، واستغلال هذا التداخل يطور الصناعات العسكرية من المستوى البسيط إلى مستوى أكثر تعقيداً.
يرتبط نجاح الصناعات الدفاعية والعسكرية ارتباطاً وثيقاً بامتلاك التكنولوجيا المتطورة والقدرة على الابتكار والإبداع، حتى تستمر هذه الصناعات وتكون قادرة على المنافسة، فعملية الابتكار العسكري وتحديث تكنولوجيا السلاح وتقنيات التدريب يجب أن تكون مستمرة في وقت السلم والحرب، وهو ما تفعله مختلف وزارات الدفاع في الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين ومختلف دول الاتحاد الأوروبي، حيث تقيم عدة شراكات مع القطاع الخاص لإنشاء وتأسيس مشروعات للابتكار العسكري والدفاعي.
فالقوة العسكرية وما يرتبط بها من صناعات دفاعية متطورة، أهم مقومات القوة الشاملة لأي دولة، ليس فقط لأنها تعزز قوة ردع القوات المسلحة وتضمن استدامة تسليحها، وإنما أيضاً لأن الصناعات الدفاعية والعسكرية تسهم في دعم الاقتصاد الوطني، وإضافة روافد جديدة للتنمية، كما تنتج للدولة هامشاً من الحركة وتعزز مكانتها الإقليمية والدولية، وتسهم كذلك في تنمية مواردها البشرية وتعزيز قدراتها التكنولوجية.
إن الصناعات الدفاعية والعسكرية الوطنية تجسد فلسفة التنمية والتطوير في دولة الإمارات، أو بمعنى آخر يمكن اعتبارها تجسيداً للنهضة الحضارية التي تشهدها الدولة في كافة المجالات، لاسيما إذا ما أخذنا في الاعتبار حقيقة أن الدول التي تنخرط في هذه النوعية من الصناعات الدقيقة جداً تتطلب مقومات معينة، بشرية وعلمية وتقنية وتكنولوجية وتشريعية، ما يعني أن دولة الإمارات تمضي بخطى ثابتة وواثقة كي تعزز مكانتها على خريطة الدول المتقدمة في مجال الصناعات العسكرية والدفاعية.
* إعلامي وكاتب إماراتي