جاءت منحة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى «معهد هارفارد للخلايا الجذعية» لدعم وتطوير الأبحاث المتعلقة بتعديل الجينات لعلاج مرض السكري من النوع الأول، من خلال استبدال خلايا «بيتا» في البنكرياس، لتلقي الضوء مرةً أخرى على الاهتمام الذي توليه دولة الإمارات للابتكار كمحور أساسي في تحقيق هدف إيجاد حلول جديدة للقضايا الملحة، وتجسيداً لالتزام الدولة بدعم قضايا الصحة العالمية، وتحسين حياة الناس حول العالم.

ويأتي الدعم المقدَّم إلى معهد هارفارد للخلايا الجذعية ضمن إطار مبادرة «بلوغ الميل الأخير» التي ترتكز على توطيد العلاقات مع الأطراف المعنية، من أجل تحقيق تغيير فعال ومستدام، وتستمد زخمها من الإيمان بأهمية بناء مستقبل يضمن الاستقرار ويعزز الكرامة الإنسانية ويشمل الجميع.

وجاء ذلك ضمن رؤية وإيمان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بضرورة استئصال الأمراض التي يمكن القضاء عليها، والتي تؤثر على المجتمعات الأكثر فقراً وهشاشةً في العالم، وبمساعدة ملايين الأطفال والبالغين على التنعم بحياة صحية وكريمة. فعلى الرغم من أن الأمراض المدارية المهمَلة نادرة في البلدان الغنية، إلا أنها تشكل تهديداً دائماً في البلدان الفقيرة، حيث يعاني الأشخاص في الغالب أكثرَ من واحد من الأمراض المدارية المهملة، حيث تواجه هذه البلدان نقصاً في المياه النظيفة، وضعفاً في خدمات الرعاية الصحية، وتغيراتٍ بيئيةً بسبب تغير المناخ.. وهي تحديات تؤدي إلى تفاقم انتشار هذه الأمراض، وإلى إبقاء المجتمعات أسيرةَ الحلقة المفرغة للفقر.

وعلى صعيد داء السكري، وتبعاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، يوجد حالياً حوالي 422 مليون مصاب بالسكري حول العالم، كما يتسبب المرض في قرابة 1.6 مليون وفاة سنوياً بشكل مباشر. وشهدت العقودُ الماضيةُ زيادةً مطردةً في عدد الإصابات وفي مدى انتشار السكري، وهو اتجاه يتوقع أن يستمر خلال العقود القادمة. ومؤخراً تعلقت آمال كبيرة بأبحاث الخلايا الجذعية، وإمكانية إيجاد علاج لمرض السكري من النوع الأول، يزيح عن كاهل المصابين عبئاً يلازمهم مدى الحياة.

ويعتبر معهد هارفارد للخلايا الجذعية، من الجهات العلمية الرائدة في مجال تحويل الخلايا الجذعية البشرية متعددة الإمكانيات، إلى خلايا «بيتا» المنتجة لهرمون الأنسولين، وهو ما سيتيح إمدادات لا تنضب من الخلايا القابلة للزراعة لمرضى السكري. كما تُبذل حالياً جهود حثيثة لتخطي التحدي التالي في هذا المجال، وهو حماية خلايا «بيتا» بعد زراعتها في جسم المريض، ضد هجوم جهاز المناعة ومحاولة تدميرها. وفي حال نجح العلماء في تخطي هذه العقبة، فربما سيصبح العلاج بزراعة خلايا «بيتا» يوماً ما، هو العلاج القياسي والشائع للمرضى المصابين بالنوع الأول من السكري.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية