هل انتهينا من «كوفيد-19»؟
يوم السبت 29 يناير الماضي، وبعد عدة أيام من إثبات الاختبارات عدم إصابة ابني بفيروس كورونا، خرجتُ معه لتناول الطعام، ثم ذهبنا إلى السينما. وكان المسرح نصف ممتلئ تقريباً. وتطلَّب الأمرُ وضع كمامات، لكن تناول الطعام والشراب استلزم نزع الكمامات. وما كان لي أن أقوم بهذا قبل ثلاثة أسابيع حين كان فيروس أوميكرون في ذروة تفشيه، ولم تكن عائلتي قد أصيبت بعد. لكن الآن أُصيب بالفيروس كل أفراد العائلة سواي، وبهذا حصلتُ على حماية، إما بمحض الحظ أو نتيجة جرعة معززة من لقاح موديرنا.
ومن ثم، فقد تراجعت احتمالات إصابتي. وربما لا يختلف نمط حياتي كثيراً عن أولئك الذين أعلنوا عن انتهائهم من كوفيد كما في وسم انتشر خلال الأيام الأخيرة الماضية على «تويتر»، بعد تصريح من زميلتي السابقة باري فايس في برنامجها التلفزيوني حين قالت: «لقد انتهيت من كوفيد! انتهيت!» وذكرت فايس كل الجهود التي بذلتها لتجنب «كوفيد-19» في وقت مبكر. ومضت تقول: «ثم طُلب منا الحصول على اللقاح، باعتبار أن ذلك يعود بنا إلى الوضع الطبيعي».
ومن المفهوم أن تكون هناك رغبة شديدة في العودة إلى الوضع الطبيعي. لكن الغريب هو النظر إلى عدم عودة الحياة الطبيعية باعتبارها خيانة سياسية وليس باعتبارها مجرد سير في منحنى الجائحة. فعدم عودة الحياة لطبيعتها لا يعود إلى تراجع مسؤولي الصحة العامة عن وعودهم، بل يعود إلى ظهور متحور جديد من فيروس كورونا أثقلَ كاهلَ المستشفيات وأشاع الاضطراب في المدارس ومختلف القطاعات، رغم أن الجمهور لا يتمتع كله برفاهية عدم المبالاة بالعدوى.
وحتى مع وجود أوميكرون، يتوافر قدر لا بأس به من الحياة الطبيعية، خاصة إذا لم يكن لدى المرء أطفال. وهنا في مدينة نيويورك، عموماً، تفتح المطاعم والحانات والنوادي الليلية والمسارح، على الرغم من إغلاق العروض حين يُصاب أعضاء فريق التمثيل.
ويستطيع المرء إقامة حفل أو الذهاب في عطلة، لكنه لا يستطيع إجبار أشخاص آخرين قد يكونوا أكثر عرضةً منه للإصابة على الموافقة على تقييمه للمخاطر، والانضمام إليه في المضي قدماً في وقت مازال فيه الوباء مستشرياً. ومن الغريب في بعض الأماكن، مثل مدينة نيويورك، ألا يستطيع الأطفال الذين أصيبوا بكوفيد العودة إلى المدرسة لمدة 10 أيام، حتى لو كانت نتيجة اختبارهم سلبية في وقت سابق.
فمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ذكرت أن خمسة أيام من الحجر الصحي كافية. ولا يروقني أن أطفالي ما زالوا مضطرين لوضع الكمامات في الأماكن المفتوحة خلال فترة الاستراحة من الدراسة، وأن ابنتي تتناول الغداء في الكافتيريا لأسباب تتعلق بالتباعد الجسدي، لكن بشكل عام، فإن ما يقف في طريق عودة الحياة الطبيعية هو كوفيد وليس الوقاية منه.
ويرجع السبب وراء إغلاق المدارس أبوابَها في معظم الحالات إلى إصابة عدد كبير من الناس بالفيروس مما أدى إلى عجز في الموظفين. والشيء نفسه ينطبق على المتاجر التي تقلص ساعات عملها، وعلى شركات الطيران التي تلغي الرحلات.
ومن أجل العودة إلى الحياة الطبيعية، نحتاج إلى تقليل عدد الإصابات. وهذا يعني القيام بكل الأشياء التي أكد العاملون في الصحة العامة عليها مراراً، وخاصةً حصول المزيد من الناس على لقاحات وجرعات معززة. فحتى مع وجود عدد كبير من حالات أوميكرون، مازالت اللقاحات تقلل من خطر الإصابة واحتمالات الحجز في المستشفيات.
ومنذ وقت ليس ببعيد، اعتقدتُ أنه بمجرد توفر لقاحات للأطفال فوق سن خمس سنوات، يتعين عليّ البدء في الدفاع عن نزع الكمامات في المدرسة. وكتبت الشهر الماضي عن خطاب كتبه راندي وينجارتن، رئيس الاتحاد الأميركي للمعلمين، إلى مدير مركز السيطرة على الأمراض، روشيل والينسكي، ووزير التعليم ميغيل كاردونا، يطلب فيه إنهاء سياسات فرض وضع الكمامات.
وكتب وينجارتن يقول: «هناك تقارير واردة من بعض المعلمين تفيد بأن الاستخدام المستمر للكمامات يعيق عملية التعلم. وأعرب عدد من الآباء عن قلقهم على سلامة أطفالهم عموماً بعد ارتداء القناع باستمرار لأكثر من عام ونصف العام».
وأصدر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الآونة الأخيرة إرشادات محدَّثة تشير إلى أن بعض الأشخاص، من بينهم الذين يعلِّمون التلاميذَ القراءةَ، قد يرغبون في وضع كمامات شفافة. وهذا اعتراف ضمني فيما يبدو بأن أغطية الوجه العادية قد تؤثر سلباً على التعليم.
ومن المؤكد أن هذه الأغطية العادية لها تأثير اجتماعي سلبي. وينتابني بعض الشك في أن الكمامات تجعل أطفالي لا يشعرون بالراحة في المدرسة الآن، ويسعدني ألا تصبح الكمامات ضرورة. لكن لا أستطيع تخيل الدعوة إلى إنهاء وضع الكمامات في المدارس حالياً، في ظل إصابة أعداد كبيرة من العاملين في المدارس.
والنقص في البدلاء دفع إلى مطالبة الآباء بأن يقوموا بسد هذا العجز. ولا يمكن إصلاح هذه المشكلة بتعديل في الأفكار. ويجادل منتقدو طريقة استجابة الليبراليين على الجائحة أحياناً بأننا بالغنا في تقدير قدرتنا على السيطرة على هذا الفيروس.
لكن الذين يعتقدون أنه يمكننا الهروب من هذه الفترة العصيبة ببساطة عن طريق تغيير طريقة تفكيرنا يبالغون أيضاً في مدى قدرتنا على السيطرة. ولن تصبح الحياة في أميركا طبيعيةً قبل أن يتقلص فيها المرض.
*صحفية أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»