الحسم الإماراتي في مواجهة جرائم «الحوثي» الإرهابية
لم تكن الجريمة الإرهابية التي نفذتها ميليشيات الحوثي الانقلابية ضد منشآت مدنية على الأراضي الإماراتية في العاصمة أبوظبي يوم الاثنين الماضي، والتي أسفرت عن وفاة ثلاثة أشخاص مدنيين، وانفجار ثلاثة صهاريج نقل محروقات بترولية، سوى محاولة يائسة من قبل هذه الميليشيات والقوى التي تقف خلفها لصرف الانتباه عن خسائرها العسكرية المتفاقمة وانهيار جبهاتها القتالية في جنوب اليمن بعد سيطرة ألوية قوات العمالقة بجهود من «التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن» على محافظة شبوة وتحركها باتجاه تحرير محافظتي البيضاء ومأرب من قبضة هذه الميليشيات، ومحاولة الزعم بتحقيق إنجاز نوعي يحسن لو جزئياً من صورتها أمام أتباعها والداعمين لها، حتى ولو كان من خلال ارتكاب جرائم بحق المدنيين، وبصورة منافية تماماً لكل الأعراف الدولية.
وكما يقال فقد «انقلب السحر على الساحر»، فهذه الجريمة الإرهابية النكراء، التي أرادت ميليشيا الحوثي الإرهابية من خلالها تصدير أزمتها الداخلية للخارج وتحسين صورتها عبر انتصارات وهمية، جاءت لتعزز من أزمة هذه الميليشيات وتكشف وجهها الحقيقي بوصفها جماعة إرهابية تشكل خطراً على الأمن الإقليمي برمته، وليست طرفاً يمكن الحوار أو الحديث معه لبناء سلام مستدام يخدم مصالح الشعب اليمني والأمن الإقليمي.
وربما كان خطأ هذه الميليشيا الأكبر هو تفكيرها في استهداف دولة الإمارات، دون أن تعي عواقب ذلك. فالإمارات دولة سلام وتسامح وهي صديقة لجميع دول العالم وقواه، واستهدافها بهذا العمل الإرهابي الجبان بعث برسالة واضحة للمجتمع الدولي كله أن هذه الميليشيا لا تستهدف سوى تهديد الأمن والاستقرار الإقليمي، ومن هنا جاء التضامن العالمي الواسع وغير المسبوق مع دولة الإمارات في مواجهة هذه العمل الإرهابي، والذي فرض مزيداً من العزلة والغضب الدولي على هذه الميليشيا الإرهابية هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، لم تدرك ميليشيا الحوثي وقيادتها عواقب رد الفعل الإماراتي على مثل هذا العمل الإجرامي، فالإمارات أثبتت بوضوح خلال العقد الماضي أنها قوة عسكرية لا يستهان بها، وهي قوة بالأساس لخدمة الاستقرار وحماية الأمن الوطني، وبالتالي فإن محاولة استهداف الأمن الوطني من خلال هذه الهجمات العبثية، استدعى ويستدعي رداً عسكرياً حاسماً وحازماً من الإمارات وقوات التحالف العربي بصورة عامة، وهو ما تجلى بوضوح في البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية والتعاون الدولي، والذي أكد بحسم أن الاستهداف الذي تعرضت له المنشآت المدنية الإماراتية لن يمر دون عقاب، وأن الإمارات تحتفظ بحقها في الرد على تلك الهجمات الإرهابية، وتجلى بصورة أوضح في تكثيف العمليات العسكرية التي شنتها وتشنها قوات التحالف العربي لاستهداف ميليشيات الحوثي في صنعاء ومناطق متفرقة من اليمن.
وهذا الموقف الإماراتي الحاسم يبعث برسالة واضحة لا تقبل التأويل، مفاداها أن دولة الإمارات لن تتهاون في العمل من أجل حماية أمنها الوطني، وردع من تسول له نفسه الإضرار به.
وهذا الحسم الإماراتي في مواجهة الميليشيات «الحوثية» وغيرها من الجماعات المتطرفة والإرهابية التي تعمل من أجل نشر الفوضى والإرهاب والعنف في منطقتنا والعالم، يجب أن يترافق مع حسم مماثل من قبل المجتمع الدولي برمته في مواجهة هذه الميليشيات وممارساتها وأعمالها الإجرامية التي تشكل انتهاكاً سافراً بحق الإنسانية وخرقاً خطيراً للمواثيق والقرارات الدولية التي تحمي المدنيين في أوقات السلم والحرب، وجرائم حرب مكتملة الأركان.
فالاكتفاء بعبارت التنديد والتضامن مع دولة الإمارات ليس كافياً، بل ينبغي على المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية أن تمارس ضغوطاً أشد وتتخذ إجراءات أقوى في مواجهة جرائم هذه الميليشيا، من بينها على سبيل المثال لا الحصر تصنيف جماعة الحوثي في قائمة الجماعات الإرهابية، وتعزيز التعاون مع قوات التحالف العربي لردع هذه الميليشيا والتأكيد عملياً باستمرار التزامها بأمن حلفائها في الخليج العربي.
إن الخطر المتصاعد الذي تشكله ميليشيات الحوثي الإرهابية على الأمن والسلم الإقليمي والدولي، والذي كشفته هذه الجريمة الإرهابية على المؤسسات المدنية في أبوظبي وقبل ذلك على المدنيين في السعودية واليمن، واستهداف الملاحة البحرية لا يمكن الصمت عليه أو تجاهله من جانب المجتمع الدولي، ليس فقط لأنه يشجعها على التمادي في ممارساتها العدائية، وإنما أيضاً لأنه ربما يبعث برسالة سلبية للميليشيات الطائفية والمسلحة المنتشرة في العديد من دول المنطقة، والمدعومة من نفس القوى الإقليمية، ويجعلها تتبنى نفس السلوك الذي ينتهك القانون الدولي ولا يقيم وزناً للسيادة الوطنية للدول، والنتيجة هي تفاقم حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة.
* إعلامي وكاتب إماراتي