يحتفل العالم بـ«يوم حقوق الإنسان» في العاشر من ديسمبر كل عام، للتذكير بالمطالبات التي تضمنها الميثاق العالمي الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948، إذ حددت المنظمة الدولية للمرة الأولى حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالمياً، ووضعت هذا الإعلان معياراً ينبغي أن تستهدفه الشعوب والأمم كافة، كما يكفل جميع الأفراد والمجتمعات بالتدابير المطردة الوطنية والدولية، الاعتراف العالمي به ومراعاته الفعلية. ورغم أن الإعلان، الذي ترجم إلى أكثر من 500 لغة، ليس وثيقة ملزمة، فقد شكل مصدر إلهام لإعداد أكثر من ستين صكاً من صكوك حقوق الإنسان، تشكل مجتمعة مرجعاً دولياً لحقوق الإنسان.

وقد منح ذلك كله جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مزيداً من القوة في الاهتمام بحقوق الإنسان في حياتنا اليومية، غير أنه لم يكفل الالتزام السياسي الذاتي لكل هذه الدول في ترسيخ حقوق الإنسان، ولا حتى منعها من انتهاك هذه الحقوق بأكثر من صيغة وفي أكثر من مكان، ما يصل حد الدعوة إلى اعتماد عقد اجتماعي جديد.

وما من شك في أن دولاً عدة استطاعت أن تضرب مثلاً في التزامها بالتدابير الوطنية المطردة لجعل حقوق الإنسان قیمة عالمية محورية تتسق مع مدى تقدمها وتطورها، مثل ما هو الحال في دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ أنشأت «الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان»، واستحدثت وزارة التسامح والتعايش، ووضعت سياسات وقوانين لحماية حقوق العمال والطفل والمرأة وكبار السن وأصحاب الهمم والسجناء، كما تساهم على الصعيدين الإقليمي والدولي في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر.

وتتويجاً لهذه السياسات الحكيمة في ترسيخ الحقوق والحريات، ولإدراكها بأهمية حقوق الإنسان في تحقيق التنمية البشرية المستدامة، فازت مؤخراً بعضوية «مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة» في الفترة من 2022 إلى 2024.

ونحن، إذ ننظر إلى المستقبل، انطلاقاً من الواقع المُعاش في كثير من مناطق العالم، فمن الضروري أن تُبذل جهود حقيقية لاستكشاف جميع الحلول الممكنة لمعالجة التدهور القائم لمبادئ حقوق الإنسان، والنهوض بالتحقيق الفعلي لها. ومن بين ذلك الدراسة الدقيقة للأسباب الجذرية للمشاكل، وخاصّة في حالات الانتهاكات واسعة النطاق والممنهجة للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان.

وينبغي إيلاء اهتمام خاص لتأثيرات الجماعات المتطرفة والتدخلات الخارجية التي تزعزع استقرار المجتمعات من الداخل وتحاول أن توجد حالة من عدم الاستقرار والفوضى التي تسمح بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.

كما يجب أن يتسع مجال الاهتمام ليشمل التركيز بصورة أكبر على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للدول والشعوب وليس فقط الحقوق السياسية كما هو حادث الآن. وهناك دائماً وأبداً حاجة متجددة لأن تتضافر جهود الدول والهيئات الحقوقية الدولية والإقليمية لضمان ألا يساء توظيف ملف حقوق الإنسان لخدمة مصالح سياسية محددة، والعمل المشترك من أجل إعلاء قيم حقوق الإنسان وحقه في التنمية والرخاء والازدهار.

*تريندز للبحوث والاستشارات