«إكسبو» ليس حدثاً عادياً في واقع العرب وتاريخهم ولا في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وواقعها، إنه محطة بارزة في التاريخ العالمي تضيء من دولة الإمارات، وسيكون لها الإشعاع المستمر لمدة غير قصيرة من الزمن.
هذه المنصَّة الدولية المتميزة تأتي إلى الإمارات، لتقدم خلاصة القرائح الصافية والعقول النابغة وثمار الفكر الإنساني يانعاً قريباً. وإذا كان لهذا الحدث الدولي آثار كثيرة مادية ومعنوية، ومنها: التقريب بين الشعوب وتبادل المنافع بين الدول، وتوحيد الرؤى نحو المستقبل وكل هذا مطلوب، فإن لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، إضافة أخرى لفائدة هذا الوطن، فهو يؤكد الجانبين المادي والاقتصادي لهذا الحدث، ويدعم الحوار بين الأمم، ويعمل على إبراز دور هذا الوطن وقيادته في هذا الجانب، ويمهد الطريق للتعارف ونشر السلم بين البشر، وهذه الإضافة الجليلة هي التي تهم أبناء هذا الوطن وأجياله.
وعلى الدوام يرى، حفظه الله، الأهمية القصوى والاستثمار الأعلى والأغلى في شباب هذا الوطن وشاباته وأبنائه وأجياله، وهو منهج راسخ في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد تشربه من القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ورسّخه قولاً وعملاً في كل أحواله، إنه يرى في هذا الحدث الجليل «إكسبو» مناسبة عظيمة ليطّلع أبناء هذا الوطن في جميع مراحل التعليم الابتدائية والثانوية والعالية على أحدث الابتكارات والإنجازات العلمية التي تؤسس للمستقبل وتضع لبناته.
إنها مناسبة فريدة من خلال العقول الواعية والاستفادة من الخبرات السابقة، ففي كل أمة وشعب قصة إبداع، ومن المهم الدخول إلى عوالم الابتكار المتنوعة بتنوع الثقافة الإنسانية، وقد قالوا قديماً: «العاقل يتعظ بغيره»، أي يأخذ العبرة والحكمة إذا وجدها عند غيره، ولهذا رحّب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، بالعقول المشرقة والثقافات المضيئة لدرب الإنسانية ومستقبلها، فقال، حفظه الله، في موقعه في «تويتر»: «أهلاً بالعالم على أرض المحبة والسلام والأمل، أهلاً بالعقول التي تصنع المستقبل، أهلاً بثقافات العالم وابتكاراته ومنجزاته». إن هذه الكلمات الوضاءة هي منهج سديد وطريق واضح رشيد أمام أجيال هذا الوطن ليطلّوا على العالم كله، وقد وضعته القيادة الرشيدة بين أيديهم وقربته إليهم، ليستفيدوا منه فيختصرون الزمن وينطلقون من حيث انتهى الآخرون نحو المستقبل، ليبلغوا الآمال الكبيرة التي يراها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، والقيادة الرشيدة.
إن اطلاعهم على خلاصة الجهود الإنسانية وتأملهم لها بهذا المنهج الرشيد الذي وضعه أمامهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، سيتفاعل في حنايا قلوبهم، وصفحات عقولهم وتفكيرهم، وسيمتزج بعمق بواقع حياتهم وتجاربهم، وما يأخذونه من علوم ومعارف في دروسهم ومدارسهم، وهذا هو البناء الفعّال للعقول المبدعة التي يريد صناعتها الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، ويجعل لها ولهذا الوطن مكان الصدارة في المستقبل القريب والبعيد، وبها يكون لهذا الوطن وقيادته دور التأثير العالمي في كل ميدان ومجال، إنّ وضع الإبداع العالمي والتجارب الإنسانية والابتكارات الرائدة أمام الشباب المتوثب سيكون له أعظم الأثر وأجل النتائج.
وإنه ليس من الصدفة أن يطلق، حفظه الله، في بداية «إكسبو» مع أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مشروعاً جديداً لاكتشاف الفضاء في عمل متقدم جداً على مستوى العالم، (فأعمال العقلاء مصونة عن العبث)، كما قال الحكماء. إنه من الإرادة الحازمة وبُعد النظر والإصرار على بلوغ الصدارة، وقد أثر في فكري وقلبي ومشاعري الكلمات المضيئة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، عند إطلاق المشروع، إذ قال، حفظه الله، في «تويتر»: «نثق بقدرات أبناء الإمارات وطموحاتهم إلى بلوغ أرفع المراتب العلمية بما يخدم مستقبلنا والمعرفة الإنسانية»، إنها كلمات تؤثر في كل واحد من أبناء هذا الوطن وفي كل عربي في أرجاء هذا العالم؛ لأنها تستنهض الهمم وتضع أمام الأجيال الأهداف النبيلة للمجد والسؤدد مستوياته، ضمن منظومة متكاملة بعيدة المدى عميقة التأثير.
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، الذي نذر حياته وجعلها كلها لرفعة هذا الوطن وعزّته، يريد أن يرى في هذا الوطن العقول المبدعة والابتكارات المتميزة والمشاركات الإنسانية المتقدمة، وهي تحمل اسم الإمارات في السماء والفضاء والأرض والجبال والبحار والماء وفي كل ناحية يمكن أن يصلها البشر، ولهذا وضع جهده المبارك منذ عقود من السنين لبناء هذه العقول المبدعة، وقد بدأت تؤتي هذه الجهود المباركة ثمارها في ميادين عديدة.
وترسيخا لهذه المعاني النبيلة، فإنه -حفظه الله- قد زار جناح الوطن دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يبدأ بالرمال الذهبية التي تطبع على صفحات القلب والفكر الصفاء والوفاء، ثم يتدرج هذا الجناح إلى الإبداعات التي انطلقت من عقول أبناء هذا الوطن مروراً بالجهود الكبيرة التي قدمها بسخاء القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، والأعمال الرائدة التي تابعتها القيادة الرشيدة حتى أصبح لهذا الوطن الغالي الكلمة الفصل في كل محفل إقليمي أو عالمي، وأصبح المرجعية لكثير من القضايا الدولية.
لقد علق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، بكلمة غالية هي ومضة من الأنوار في مسيرة سموه لبناء الوطن والمواطن، حيث قال: «دولة الإمارات تستهدف من خلال استضافتها إكسبو وجناح دولة الإمارات المشارك: تقديم تجربة غنية وفريدة تكون مصدر إلهام للآخرين تنطلق من ثقافة مجتمعها الأصيل وقيمه الإنسانية الراسخة».
الإبداع والابتكار في فكر الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، لا ينفصلان عن القيم الإنسانية والمعاني النبيلة، والتلاحم الاجتماعي الفريد الذي أقامت عليه هذه الدولة هذا الوطن، فالتجربة المُلهمة لدولة الإمارات العربية المتحدة ملهمةٌ في الإبداع والقيم معاً.
وليس غريباً أن يتصدر الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، رجالات الفكر والسياسة كداعية سلام ومحبة وتواصل وتعاون، وهو المؤتمن على إرث هذا الوطن وقيمه وفي كثبانه ووديانه وشواطئه وقممه نشأ وترعرع، حتى اشتد ساعده فأجاد وأفاد وأبدع. ويريد، حفظه الله، أن يربط هذه العقول المبدعة بأصولها الاجتماعية وقيمها الأخلاقية التي تحدّرت إليهم ووصلت من الآباء والأجداد الذين عاشوا في هذه الكثبان والشواطئ والوديان.
إن مزج الإبداع المادي والابتكار في فكر الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، يستشرف مستقبل هذا الوطن للمائة عام القادمة بل للمئات، هو صمام أمان وقوة توازن لمسيرة الإبداع والابتكار، وإن المبدعين هم الذين يستندون إلى ما سبقهم، ويولدون منه إبداعاً جديداً يحمل هويتهم وفكرهم وقيمهم. إن عبقرية الشيخ محمد بن زايد التي عرفت الفكر والإبداع غربيّه وشرقيّه تريد بناء هذه العقول المبدعة الشابة التي تحمل هوية الوطن وقيمه، ولهاذ فهو دائماً يحضهم ويحثهم على الاقتداء بالآباء وبقيم هذا الوطن النبيلة، وبتجربته الثرية النّدية التي بنت الإبداع على القيم، وهي سائرة في هذا النهج، وهذه حلقة في سلسلة متتابعة من جهود الشيخ محمد بن زايد.
حفظ الله الشيخ محمد بن زايد رائد الفكر المبدع والقيم الإنسانية البناءة، إنه الجبين الأغرّ لهذا الوطن:
ورفعتَ للعلياء رايةَ عزَّة
وصلت من الآباء والأجدادِ
فحملت أعباءَ الأمانة مخلصاً
ووهبت للأجيال كل مرادِ
وسبقتَ في الإبداع كلَّ مسابقٍ
فغدت ديارك قبةَ الروَّادِ
وبنيتَ للوطن العزيز صروحَه
قد جاءك التاريخُ في الميعادِ