نحن نتذكر هذا. قبل عشرين عاماً، في اليوم التالي لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، قمنا بتحويل مستوى التأهب اليومي إلى اللون الأحمر. وبدأ ضباط إنفاذ القانون، الذين كانوا قبل ذلك اليوم يلوِّحون لأطفال الحي ويربتون على كلابنا، في حمل أسلحة ضخمة على صدورهم. اشترينا شريطاً لاصقاً وأغطيةً بلاستيكيةً للحماية من هجوم بالسلاح الكيميائي. وأصبحنا نتعامل مع كل قطعة من بقايا الأشياء أو العلب الفارغة باعتبارها مواد خطرة للغاية. كان العدو في الخارج، وهم إرهابيون من بلاد أخرى يهاجمون الولايات المتحدة. معظم الناس كانوا يتذكرون بإعزاز الوحدة المشتركة في تلك الأيام.
فكيف تغيرنا في 20 عاماً؟ وما الذي تحجزه هذه الأسوار الآن؟ إنها من أجل الأشخاص الذين يصفون أنفسهم بالوطنيين الأميركيين الساخطين والكارهين لأمة انقلبت على ذاتها وتركت نفسها منقسمةً بلا أمل. قال الرئيس جورج دبليو بوش في خطاب غير عادي ألقاه عند النصب التذكاري الوطني لذكرى تحطم يونايتد ايرلاينز الرحلة رقم 93 في شانكسفيل (بنسلفانيا)، يوم السبت الماضي: «هناك قدر قليل من التداخل الثقافي بين المتطرفين العنيفين في الخارج والمتطرفين العنيفين في الداخل». وأضاف: «لكن في ازدرائهم للتعددية، وتجاهلهم لحياة الإنسان، وتصميمهم على تدنيس الرموز الوطنية.. فهم أبناء لنفس الروح الكريهة، وواجبنا المستمر هو مواجهتهم».
يستعد مبنى الكونجرس (كابيتول هيل) لمظاهرة أخرى ضد القانون والنظام والعملية الديمقراطية التي يدعي المتظاهرون أنهم يحبونها، لكنهم يتجمّعون لشجب اعتقال أكثر من 600 شخص انتهكوا مبنى الكابيتول في 6 يناير الماضي. لقد عادت ألواح الخشب الرقائقي، وعاد السياج، فالكابيتول هيل يتحصن مرة أخرى. وقال قائد شرطة المبنى الشهير، توماس مانجر، بعد اجتماع مع أعضاء الكونجرس يوم الاثنين الماضي لإطلاعهم على كيفية تعامله مع مهرجي «العدالة لمتظاهري 6 يناير»: «سيتم رفع السياج أخيراً.
لكن قبل ذلك إذا سارت الأمور على ما يرام، فسنخفض ارتفاعه، ثم نزيله بعد فترة وجيزة». حتى الآن حصل العشرات من الذين أقروا بالذنب على أحكام مخففة، مثل الحبس في المنزل، والخضوع للمراقبة، وحتى اتباع نظام غذائي مؤلف من وجبات عضوية. المتطرفون هنا بالفعل، ومنهم أولئك الذين جاؤوا في 5 يناير وهاجموا مبنى الكابيتول أو زرعوا قنابل أنبوبية في الحي الذي أقطن فيه، وفي الشوارع حيث يذهب أطفالي إلى المدرسة سيراً على الأقدام، وحيث يمر آلاف الناس في طريقهم يومياً إلى العمل.. إنهم موجودون فعلاً في المدينة.
في منتصف الليل تقريباً، يوم الاثنين الماضي، استجوبت الشرطة رجلاً من كاليفورنيا كان في شاحنته من طراز «دودج داكوتا» ذات لون أسود وأحمر ومزينة بالصليب المعقوف وغيرها من رموز القائلين بتفوق اللون الأبيض على الملونين، خارج مقر اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي في الكابيتول هيل. وألقت الشرطة القبض على دونالد كريجيد (44 عاماً)، وهو من أوشنسايد (كاليفورنيا)، بسبب حيازته سكاكين متعددة وحربةً ومنجلاً، قالوا إنها كانت في شاحنته بعد أن أخبرهم بأنه كان «في دورية» وأطلعهم على بعض آرائه عن تفوق البيض. وفي أوقات أخرى، يبدو الأمر وكأننا نحتفل باعتقال أولئك الذين أفسدوا عاصمة بلادنا وهاجموا ضباط إنفاذ القانون لدينا.
الآن، لدينا أميركيون على استعداد للاعتماد على ذكريات الموتى لتسجيل النقاط. أرسل «الجمهوريون» في مقاطعة فيرفاكس وصفاً عاطفياً واضحاً لهجمات 11 سبتمبر في شكل خطاب لجمع التبرعات الأسبوع الماضي، وألحقوا به صور المباني المحترقة. ثم عادوا إلى نقاط الحديث المحافظة: «الرجاء مساعدتنا في تمويل الخدمات الأساسية المهمة التي ستحول فرجينيا إلى اللون الأحمر مرة أخرى وتبدأ رفضاً على نطاق الوطن للماركسية الديمقراطية وتنهي التراجع الأميركي»، بحسب ما جاء في الخطاب الذي تعهدوا فيه بانتخاب قادة محافظين «يرفضون استرضاء المتعصبين الذين يشكلون تهديداً، ويرفضون المذاهب الماركسية السامة لنظرية العرق النقدي والانقسام العرقي/الإثني، ويرفضون الفكرة المبتذلة بأن أفضل أيام أميركا انقضت».
إن أفضل أيامنا هي عندما نكون أمة موحدة، عندما أوضح بوش أن الأعداء ليسوا بيننا. بعد مرور أسبوع على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، زار بوش مسجداً، في زيارة ترمز إلى الوحدة قبل غزو العراق. وقال بوش في خطاب بعد أكثر قليلاً من أسبوع على الهجمات: «الإرهابيون خونة لعقيدتهم، ويحاولون في الواقع اختطاف الإسلام نفسه. إن عدو أميركا ليس العديد من أصدقائنا المسلمين، وليس العديد من أصدقائنا العرب. إن عدونا هو شبكة متطرفة من الإرهابيين». في السنوات التي أعقبت أيام الوحدة تلك، بدأت أميركا في تمزيق نفسها. ويجب أن يكون هدفنا الآن هو الإصلاح وإعادة البناء وتأديب أبناء تلك الروح الكريهة
*كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»