اكتشف جيمس توريتو، من «قوة مهام الهواء النظيف» غير الهادفة للربح، أن هناك كميات من غاز الميثان تتسرب بلا توقف في أقصى شرق الاتحاد الأوروبي. ولاحظ توريتو تصاعد أبخرة غير مرئية من غاز الميثان- أحد أخطر الغازات المسببة للاحتباس الحراري- من حقول نفط وأنابيب غاز وحاويات تخزين صدئة، بل ومن بئر بالقرب من ملعب في رومانيا. والميثان يستطيع رفع حرارة الكوكب بأكثر من 80 مرة مقارنة بما يفعله ثاني أكسيد الكربون في المدى القصير. وعثر «توريتو» على أكثر من 70 موقعاً للتسرب باستخدام كاميرا خاصة تستخدم الأشعة تحت الحمراء قادرة على استكشاف الغاز عديم الرائحة. وتجول توريتو بالكاميرا التي يبلغ ثمنها 100 ألف يورو (118 ألف دولار) حول أوروبا ليرصد التسربات.
وذكر أنه من المستحيل رصد كل انبعاثات الميثان. والانتشار الهائل في الدولة التي تعد واحدة من أكبر منتجي النفط والغاز في الاتحاد الأوروبي يلقي الضوء على التحدي الذي يعمل صناع السياسة الأوروبية على تحقيقه والخاص بتقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنهاية العقد الحالي بمقدار 55%، عما كانت عليه في عام 1990. والميثان من أكبر المساهمين في ارتفاع حرارة الكوكب بعد ثاني أكسيد الكربون، لكنه حتى الآن إجراءات ضعيفة في الاتحاد الأوروبي. صحيح أن التكتل اقترح صفقة شاملة من السياسات لتقليص الكربون في اقتصاده في وقت مبكر من هذا العام، لكن يتعين عليه إقرار قوانين شاملة لمعالجة مشكلة الميثان.
ويرى انطوان فاجنر-جونز، المحلل في جماعة «تمويل الطاقة الجديدة» البحثية في بلومبيرج، أنه «إذا أراد الاتحاد الأوروبي المضي قدماً في سياسة قوية بهذا الشأن يتعين عليه أيضاً بذل جهد لكبح تسرب الميثان في فنائه الخلفي». والاتحاد الأوروبي خال نسبياً من تسربات الميثان واسعة النطاق التي اكتشفتها الأقمار الاصطناعية في دول تمتد من كازاخستان إلى أستراليا.
وعلى مدار العامين الماضيين، فإن السحب الأكبر التي تكون عادة بمعدل انبعاثات تزيد على خمسة أطنان في الساعة لم يتم رصدها إلا في نحو عشر حالات في أوروربا مقارنة بأكثر من ألفي حالة على مستوى العالم، وفقاً لتقديرات شركة «كايروس» الاستشارية. ومعظم التسربات الأوروبية ترتبط بإنتاج الفحم في بولندا. لكن ما يطلق عليه «كبار المتسببين في الانبعاثات» يمثلون ما يتراوح بين 10% و15% من إجمالي تلوث الميثان من صناعة الغاز والنفط، بحسب بيانات شركة كايروس، وباقي النسبة تأتي من مصادر أصغر. ووقف كل من التسربات الكبيرة والصغيرة يمثل واحدة من أرخص وأيسر الوسائل لحل مشكلة ارتفاع درجات الحرارة العالمية. وهذا يعني في بعض المناطق، وقف التسرب المقصود للغاز الفائض أثناء إنتاج النفط والغاز والفحم. وفي أماكن أخرى يعني تطوير الأنابيب ومحطات الضغط لتقيص الانبعاثات المتبخرة. وذكر توريتو أن خبرته في رومانيا توضح مدى سهولة حل المشكلة إذا كانت الشركات راغبة في هذا. وعلى سبيل المثال، وبعد أن عبر عن قلقه من تسرب في خط أنابيب يبعد 75 كيلومتراً غربي بوخارست، ذهب مهندسون سريعاً وأصلحوا المشكلة.
فمع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بشدة في أوروبا إلى مستويات قياسية هذا الصيف، فكل كمية من الميثان تمنع الشركات تسربها من الأنابيب يعزز الأرباح. ومعظم المواقع التي اكتشف فيها توريتو تسرباً للميثان تملكها شركة «أو. إم. في. بتروم» وهي الوحدة الرومانية من شركة «أو. إم. في.» التي تتخذ من فيينا مقراً. ويظهر في الصور عدد من الثقوب تسرب الميثان في الهواء مباشرة. وهناك مقاطع أخرى تصور حاويات تخزين صدئة مليئة بالثقوف يتسرب عبرها الغاز.
وأعلن متحدث أن الشركة بدأت التحقيق في المواقع التي أظهرتها الصور وستتخذ الإجراءات الملائمة. واكتشف توريتو تسرباً للمثيان في مواقع تديرها شركات مثل «ترانزجاز ميدياس» و«أوسكار داونستريم» و«أمرومكو إنيجري» وشركة «كونبت بلويستي» المملوكة للدولة. وكانت وكالة حماية البيئة في رومانيا قد وجهت استفسارات لهذه الشركات. وظهرت تسربات أيضاً بالقرب من أحياء سكنية. ففي بلدة كامبينا التي تبعد 60 ميلاً شمالي العاصمة بوخارست، التقطت الكاميرا أبخرة تتصاعد من بئرين يحيطان بملعب للأطفال في مجمع للشقق السكنية. صحيح أن الكميات المحدودة من الميثان ليست مسممة للبشر، لكن غازات أخرى تتعلق بإنتاج الغاز والنفط مثل كبريتيد الهيدروجين قد يكون لها تأثيرات خطيرة.
وأشار توريتو أنه يستطيع شم رائحة الأبخرة، وأن أحد السكان أخبره أن المنطقة لها هذه الرائحة دوماً. وتلتقط الكاميرا التي استخدمها توريتو صور الغاز عبر طائفة من الأطوال الموجية. وأكد خبيران فنيان فحصا الصور أن هناك غازات تظهر بوضوح في الصور وهي من الميثان على الأرجح. والتكنولوجيا نفسها مستخدمة في صناعة النفط والغاز لرصد التسربات أثناء عملياتها.
وقال تيم دوتي، رئيس شركة تي. سي. إتش. دي. كونسالتنج التي مقرها تكساس، وهو أحد الخبراء الذين راجعوا بعض الصور، «انبعاثات الهيدروكربون وتتضمن ميثاناً على الأرجح، واضحة في المقاطع المصورة».
جون اينجر*
*صحفي متخصص في الشؤون الأوروبية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»