كانت الأخبار التي وردت هذا الأسبوع بشأن مستقبل الأرض قاتمة في معظمها.
يوم الاثنين قبل الماضي، أصدرت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، التابعة للأمم المتحدة، أول تحليل لها لعلوم المناخ منذ ما يقرب من 10 سنوات، وأعلنت أن النتيجة التي توصلت إليها هي بمثابة «تحذير أحمر للبشرية». ووجدت المجموعة، المؤلفة من مئات العلماء الدوليين الذين راجعوا عشرات الآلاف من التقارير المنشورة، أن العقد الماضي كان الأكثر سخونة منذ 125000 عام. وكتب العلماء أن الأنهار الجليدية تذوب بشكل أسرع من أي وقت مضى خلال الألفي عام الماضية، في حين أن مستويات الكربون في الغلاف الجوي هي الأعلى في مليوني عام على الأقل، وتضاعف معدل ارتفاع مستوى المحيطات منذ عام 2006.
ورددت المؤسسات الإخبارية، التي كانت تترقب هذه التوقعات الرهيبة، صدى إنذار الأمم المتحدة. وأعلنت الأسوشيتيد برس: «لا مكان للفرار». وقالت نيويورك تايمز: «من المؤكد أن المستقبل سيكون أكثر سخونة». وقالت وكالة الأنباء الفرنسية: «ليس هناك أخبار جيدة».
ولكن بالنسبة لأولئك الذين تتمثل مهمتهم في رفع مستوى الوعي بشأن تغير المناخ، كانت هناك نقطة أخرى مهمة في تقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ: لا يزال هناك متسع من الوقت لفعل شيء ما بشأن تغير المناخ.
تلك رسالة يحاول العلماء إيصالها مع تحول الخطاب العام من جدل حول ما إذا كان هناك تغير مناخ إلى ما يجب فعله حيال ذلك.
يوضح «جافين شميدت»، مدير «معهد جودارد لدراسات الفضاء» التابع لوكالة «ناسا»، والمؤسس المشارك لمدونة «ريال كلايميت»، أن الجهد الرئيسي حول التواصل بشأن تغير المناخ كان لإقناع المشككين بأن الأرض تزداد سخونة بالفعل. ولكن على مدار العقدين الماضيين، بينما أصبحت تأثيرات التغير المناخي أكثر وضوحاً، تراجع عدد المنكرين لتغير المناخ في الولايات المتحدة، وارتفع عدد الأفراد القلقين بشأن تغير المناخ بشكل كبير.
ووفقاً لبرنامج جامعة يل للتواصل بشأن تغير المناخ، فإن 72% من سكان الولايات المتحدة في عام 2020 يصدقون أن «الاحتباس الحراري يحدث» وأن هناك شريحة «مقلقة» من السكان نمت بأكثر من 50% بين عامي 2015 و2020، من 17 إلى 26%.
يقول شميدت: «أمضينا 20 عاماً في محاولة إقناع من هم غير قابلين للإقناع، ومحاولة استخدام العلم والعقل. واتضح أن الأمور التي تحدث لك أو للأشخاص الذين تعرفهم هي أكثر إقناعاً».
لكن هذا التحول ترك العلماء أمام معضلة تواصل جديدة: كيف يمكن نقل إلحاح تغير المناخ دون جعل الموقف يبدو فظيعاً أو ميؤوساً منه لدرجة أن الناس ينفصلون عن المشكلة تماماً.
يقول دانيال بريسيت، المدير التنفيذي لمعهد دراسة البيئة والطاقة، وهي مجموعة غير ربحية للتعليم والسياسة تعمل مع المشرعين من أجل وضع سياسات مراعية للمناخ: «ما نحاول تجنبه هو فكرة التحجر، والتي تبدو سيئة للغاية ويستحيل التغلب عليها. لدينا القدرة على القيام بذلك. إن الأمر يتعلق بالتركيز على ما يمكننا القيام به لتحسين الوضع، وتجنب القيام بالأشياء التي تزيد الأمر سوءاً».
يمكن لتقرير مثل تقرير اللجنة المعنية بتغير المناخ أن يثير قلقاً كبيراً، كما تشير جاكلين جيل، عالمة الأحياء القديمة بجامعة مين والتي تستضيف بودكاست بشأن التغير المناخي.
وهي تقول: إن «بعض الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخراً تثبت أن قدراً من التحذير جيد وضروري. وهذا ما يمكن أن يجعل الناس يقومون بما يمكن القيام به لإحداث فرق هنا».
ولكن هناك أيضاً خطر أنه مع وجود الكثير من الأخبار السيئة، وعدم وجود إرشادات كافية حول كيفية الاستجابة لها، يمكن للأفراد أن يشعروا بالعجز. وهذا الشعور بالعجز يمكن أن يدفع الناس إلى الانغلاق. ما نحتاجه هو أن يشعر الناس ببعض الإحساس بالقوة حتى يظل بإمكانهم الظهور».
وتضيف أن رد الفعل على تحليلات المناخ، مثل تقرير الهيئة المعنية بالتغير المناخي، لا يجب أن يكون إما اليأس التام أو التجاهل القاطع.
تقول جويلين راسل، الأستاذة بجامعة أريزونا والتي شاركت في تأسيس مبادرة تسمى ساينس مامز (Science Moms) لتحفيز الأخريات للعمل من أجل العمل المناخي، من المهم اتخاذ موقف وسط، وتضيف أن الآباء يدركون الطقس المتغير. وإنهم، مثلها، قلقون بشأن السماح لأطفالهم بالخروج للعب في موجة حرارة صيفية تحطم الأرقام القياسية. كما يشعر الكثيرون بقلق متزايد بشأن المستقبل متغير المناخ الذي سيرثه أطفالهم إذا لم يقم العالم بإحداث تغييرات.
وتؤكد راسل أن الأمهات كن يتدخلن بانتظام ويطالبن بالتغيير الاجتماعي عندما كان ذلك صعباً. والآن حان الوقت لكي يتصرفن بإلحاح ويطالبن الجميع –الأفراد وصناع السياسات وممثلي البلدان –بالتحرك بشكل أسرع.
وفقاً لتقرير الهيئة المعنية بتغير المناخ، فإن اتخاذ إجراءات الآن يمكن أن يحدث فارقاً بين الآثار الكارثية لأربع درجات من الاحتباس الحراري، مثل زيادة الفيضانات وموجات الحر القاتلة ونقص الغذاء، والآثار الأقل تدميراً لارتفاع الاحتباس بمقدار 1.5 درجة مئوية، وهو الهدف المنصوص عليه في اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015.
صحفية متخصصة في تغطية أخبار البيئة والتغير المناخي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»