أفاد البيت الأبيض أن الولايات المتحدة أرسلت أكثر من 110 ملايين جرعة من لقاحات فيروس كورونا إلى أكثر من 60 دولة في جميع أنحاء العالم - وهي خطوة من المقرر أن يعلن عنها الرئيس جو بايدن هذا الأسبوع. وبينما وصفت الحكومة الأميركية مستوى تقاسم اللقاح بأنه «خطوة مهمة كبيرة»، كان لبعض خبراء الصحة العالمية نظرة أكثر تشاؤماً، مع انتشار الوباء في أجزاء كثيرة من العالم.
وضمن هذا الإطار يقول «لورانس جوستين»، أستاذ قانون الصحة العامة بجامعة «جورج تاون»: «الجرعات مفيدة، لكنها قليلة جداً ومتأخرة للغاية. لن يكون لها تأثير كبير في الحد من انتشار الوباء». على مدار انتشار الجائحة، دق خبراء الصحة ناقوس الخطر بشأن التفاوت في التطعيم بين البلدان الغنية والفقيرة، من منظور أخلاقي واستراتيجي.
لكن ما الذي نعرفه عن جهود الولايات المتحدة لتقاسم اللقاحات؟ أعلن جو بايدن في يونيو الماضي أن الولايات المتحدة اشترت 500 مليون جرعة من لقاح فايزر الخاص بفيروس كورونا للتبرع بها للعالم، وأن توزيع أول 200 مليون جرعة سيتم هذا العام. وفي وقت سابق، تعهدت إدارة بايدن بالتبرع بما لا يقل عن 80 مليون جرعة بحلول نهاية يونيو الماضي.
وقال البيت الأبيض: إن الجرعات تم توزيعها من خلال «مبادرة كوفاكس»، التي تدعمها منظمة الصحة العالمية لتوزيع اللقاح بشكل عادل. تم صنع غالبية الجرعات في الولايات المتحدة وشحنها إلى البلدان التي تعاني حالياً من فيروس كورونا، بما في ذلك بنجلاديش وكولومبيا وإندونيسيا والفلبين. على الرغم من أن عدد اللقاحات التي تبرعت بها الولايات المتحدة يتجاوز الأعداد التي تبرعت بها الدول الغنية الأخرى، فإن مستوى المشاركة أقل بكثير من المليارات اللازمة لتحصين 70% من العالم، وهو هدف يتم الاستشهاد به على نطاق واسع. ولا تزال الدول الفقيرة تحتل مرتبة أدنى بكثير من الدول الغنية من حيث النسبة المئوية لسكانها الذين تم تطعيمهم، وتعثرت الجهود المبذولة لمعالجة هذه الفجوة، مثل «مبادرة كوفاكس». يقول جوستين: «نحن بحاجة إلى 11 مليار جرعة. وهذا في الحقيقة مجرد قطرة في محيط».
في جميع أنحاء أفريقيا على وجه الخصوص، تم توزيع عدد قليل من الجرعات. واعتباراً من نهاية يوليو، قامت «كوفاكس» بشحن أكثر من 153 مليون جرعة لقاح لفيروس كورونا إلى البلدان والوكالات الإنسانية وغيرها من المشاركين في البرنامج، وفقاً لتحالف اللقاحات العالمي (جافي)، وهو أحد الداعمين لمبادرة كوفاكس. ووفقاً للتتبع الذي قام به مركز الابتكار الصحي العالمي بجامعة «ديوك»، فقد اشترت الولايات المتحدة أكثر من 1.6 مليار جرعة حتى الآن –حوالي 5.21 جرعة لكل فرد.
وفقط عدد قليل من الدول الغنية اشترت المزيد من نصيب الفرد، بما في ذلك كندا، التي لديها 10.4 جرعة للفرد، وفقاً لأبحاث ديوك. قال «شون سيمونز»، من حملة منظمة «وان» العالمية لمكافحة الفقر، يوم الثلاثاء: «في نهاية المطاف، ستتحكم الدول الغنية في نجاح كوفاكس أو فشله، ومن الضروري أن ينجح كوفاكس –لا توجد خطة بديلة». ودعا«جيشينجي جيتاهي»، الرئيس التنفيذي لشركة «أمريف هيلث» الأفريقية ومفوض الاتحاد الأفريقي للاستجابة لفيروس كورونا، الدول الغنية، بما في ذلك الولايات المتحدة، إلى التخلي عن التزاماتها بجرعات إضافية حجزتها مسبقاً من شركات الأدوية، والتبرع بالمزيد من الجرعات الموجودة في مخزوناتها. - ما الذي يمكن للولايات المتحدة والدول الأخرى أن تفعله أكثر من ذلك؟ على الرغم من أن الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى تميل إلى التركيز على تطعيم سكانها، حتى على حساب الفئات الأكثر ضعفاً في مناطق أخرى، بينما تتبرع ببعض الجرعات، يقول الخبراء وجماعات الإغاثة إن هناك المزيد الذي يمكن القيام به، بما في ذلك الاستثمارات في التكنولوجيا والبنية التحتية وتسهيل اتفاقيات الملكية الفكرية. وحسب «جيبريسوس»، فإن ترتيبات تقاسم الجرعات مفيدة على المدى القصير، ولكن هناك حاجة لأن تجد الحكومات والشركات طرقاً لزيادة الإنتاج بشكل كبير، من خلال الترخيص الطوعي أو نقل التكنولوجيا أو عن طريق التنازل عن حقوق الملكية الفكرية لمنتجات معينة لفترة معينة.
ساهمت الزيادة الكبيرة في الحالات المتعلقة بمتغير دلتا سريع الانتشار في خلق شعور جديد بالإلحاح بشأن اللقاحات والوباء. في الولايات المتحدة وبعض البلدان الأخرى، تدرس الوكالات الصحية أو بدأت بالفعل إعطاء جرعات معززة من اللقاح.
ومع ذلك، في العديد من البلدان، حتى العاملون في القطاع الطبي وغيرهم من الأشخاص الأكثر عرضة للخطر لم يتلقوا جرعاتهم الأولى حتى الآن. كما أن «متغير دلتا»، بينما يعيد إحياء الموجات في بعض البلدان الغنية ذات المستويات العالية من التطعيم، يضرب أيضاً بعض البلدان التي لديها إمدادات محدودة من اللقاحات.
آدم تايلور*
*كاتب متخصص في الشؤون الدولية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»