من بين الأميركيين الذين لم يتم تطعيمهم حتى الآن ضد فيروس كورونا، كان «الجمهوريون» باستمرار هم الأكثر تردداً. وبمرور الوقت، اتسعت الفجوة في معدلات التطعيم بين المقاطعات التي صوتت لجو بايدن، وتلك التي صوتت لدونالد ترامب. وتشهد الولايات ذات معدلات التطعيم المتأخرة، بما في ذلك اركنساس وفلوريدا وميسوري، ارتفاعاً في عدد الحالات مع انتشار متحور دلتا في جميع أنحاء البلاد. لكن حتى وقت قريب، كانت شخصيات بارزة تلتزم الصمت إلى حد كبير بشأن التطعيم.
وعلى سبيل المثال، وجدت شبكة «سي إن إن» مؤخراً أن ما يقرب من نصف «الجمهوريين» في مجلس النواب لن يقولوا علناً ما إذا كانوا قد تم تطعيمهم. لكن عدداً متزايداً من المسؤولين الجمهوريين المنتخبين بدؤوا أخيراً في الترويج للتطعيم علناً. واعترف حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، الذي سخر من الأقنعة والخبراء الطبيين، بأن هذه اللقاحات تنقذ الأرواح. وتلقى النائب الجمهوري ستيف سكاليس، الذي ظل لفترة طويلة مقاوماً للتطعيم، جرعتَه من اللقاح في أواخر يوليو الماضي. حتى شون هايتي الذي ربما يكون المناهض الأكثر نفوذاً لحملة التطعيم في قناة «فوكس نيوز»، انضم الأسبوع الماضي إلى صفوف المحافظين البارزين الذين طالبوا المتخلفين عن التطعيم بأخذ اللقاح. فهل سيكون لتصريحات المشرعين أي تأثير على سلوك ناخبيهم؟ يُظهر بحث أن تأييد التطعيم من نخبة الجمهوريين يمكن أن يكون له تأثير مهم على نوايا التطعيم للجمهوريين العاديين. وفي تجربة جديدة نُشرت هذا الأسبوع في الأكاديمية الوطنية للعلوم، وجدنا أن التشجيع المباشر من القيادة الجمهورية، لاسيما من الرئيس السابق دونالد ترامب، يؤدي إلى زيادة عدد «الجمهوريين» الذين يعتزمون تلقي اللقاح.
وقام عدد من المتعاونين بتجنيد عينة من «الجمهوريين» المطعّمين وغير المطعّمين. شاهدت إحدى المجموعات مقطع فيديو لترامب يشجع الأميركيين على التطعيم قبل قراءة مقال قصير يسلط الضوء على تأييد اللقاح من قبل ترامب وغيره من الجمهوريين البارزين، ويشيد بإسهامات الجمهوريين في تطوير اللقاح وتوزيعه. وشاهدت مجموعة أخرى مقطع فيديو للرئيس بايدن، وقرأت مقالاً يضم أنصار بايدن البارزين وتأييد «ديمقراطيين» آخرين. وشاهدت مجموعة ثالثة مقطع فيديو، وقرأت مقالاً عن موضوع محايد في هذا الخصوص، هو تاريخ ربطات العنق. وأظهرت النتائج أن «الجمهوريين» غير الملقّحين الذين شاهدوا الفيديو والمقال من النخب «الجمهورية»، أعربوا عن نوايا حسنة تجاه اللقاح أعلى بنسبة 7% ومن أولئك الذين شاهدوا مقطع فيديو ومقالاً مكافئاً من النخب الديمقراطية، وأعلى بنسبة 5.7% من أولئك الذين شاهدو مقطعاً عن تاريخ ربطة العنق. وبمراجعة البيانات عن كثب، وجدنا أن الجمهوريين غير الملقَّحين الذين شاهدوا تشجيع النخب «الجمهورية» كانوا أكثر عرضة للتعبير عن اعتقادهم بأن ترامب والجمهوريين الآخرين يشجعونهم على تلقي التطعيم. وقد ارتبط هذا الرأي بتعزيز نواياهم تجاه اللقاح. ووجدنا أيضاً بعض الأدلة على وجود رد فعل عنيف بين «الجمهوريين» الملقَّحين وغير الملقحين الذين شاهدوا التأييد للقاح من النخبة الديمقراطية: أفادوا بأنهم أقل استعداداً للترويج للتطعيم بين الأصدقاء والعائلة. وهذا اكتشاف مهم في حد ذاته، حيث من المحتمل أن يكون لنفوذ الأقران في شبكات التواصل الاجتماعي للجمهوريين تأثير مهم على معدلات التطعيم. وتتعارض تلك النتائج مع بيانات مجموعات التركيز التي تمت تغطيتها على نطاق واسع منذ شهر مارس الماضي، حيث قال «الجمهوريون» المترددون في تلقي اللقاح إنه من غير المرجّح أن يتبعوا تشجيعات القادة الجمهوريين للقاح. ووجد بحث آخر أن مؤيدي الحزب يميلون إلى تبني آراء قادتهم السياسيين الموثوق بهم حول قضايا تتراوح من الاقتصاد إلى الحرب. وتشير بيانات استطلاعات الرأي إلى أن هذه الآثار يمكن أن تكون مفاجئة وعميقة، كما هو الحال في وجهات نظر «الجمهوريين» المتغيرة تجاه روسيا في وقت مبكر من ولاية ترامب. وبينما تتحدث نتائجنا بشكل مباشر عن التأثير الذي يمكن أن يحدثه ترامب بشكل خاص على نوايا الجمهوريين بشأن التطعيم، تشير أدبيات النخبة إلى أن المصادر الموثوقة والمحترمة بشكل عام يمكن أن تؤثر على سلوكيات الصحة العامة للأشخاص. وفي النهاية، لا يمكن للبلاد احتواء الفيروس دون ارتفاع معدلات التطعيم بين «الجمهوريين». ولا يسعنا إلا أن نأمل أنه في سبيل معالجة ترددهم في تلقي اللقاح، وإنقاذ الولايات الحمراء من الكارثة الوشيكة بسبب المتحور دلتا، سيبذل القادة« الجمهوريون جهوداً أكثر حماسة للترويج للقاح، وأن يساعدهم مسؤولو الصحة العامة على القيام بذلك. وهناك سبب وجيه للاعتقاد بأن مؤيديهم سيستمعون لهم.
روب ويلر* وديفيد جي راند**
*أستاذ علم الاجتماع والسلوك التنظيمي في جامعة ستانفورد
**أستاذ علوم الإدارة والدماغ والعلوم المعرفية بمعهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»