من هم أخطر المروجين للمعلومات المضللة حول «كوفيد-19»؟ في ربيع هذا العام، نشر مركز مكافحة الكراهية الرقمية تقريراً عن المعلومات المضللة يضم 12 من المؤثرين الذين ادعى التقرير أنهم المسؤولون عن 65% من الأكاذيب المضللة حول اللقاحات، والتي يتم نشرها على «فيسبوك» ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى. يتصدر القائمة اختصاصي تقويم العظام جوزيف ميركولا، الذي أعدت صحيفة «نيويورك تايمز» عنه ملفاً شخصياً. ومن بين المضللين الآخرين روبرت إف كنيدي جونيور، الناشط البيئي، ورضا إسلام، أحد أتباع «حركة أمة الإسلام».
المعلومات المضللة التي يروجها ميركولا وكينيدي والآخرون هي أمور قبيحة، تشكل خطراً على صحة أولئك الذين يصدقونها، وهي كذلك خطر عام بالنسبة لأولئك الذين يقومون باختيارات غير مسؤولة. وهي أيضاً تذكير بأن مناهضي التطعيم اليوم ليسوا مجرد ظاهرة يمينية، مثلما حاولت بعض وسائل الإعلام رسمها بهذه الطريقة. تأتي معظم الشخصيات المدرجة في القائمة من عالم الطب البديل، الذي لا يرتبط عادة بأفكار «الجمهوريين» المتشددة.
لكن قصة الدجالين الذين يروجون للعلاجات الوهمية ونظريات المؤامرة السياسية ليست الجزء الوحيد من ملحمة المعلومات المضللة حول فيروس كورونا. يتم زرع عدم الثقة في رسائل الصحة العامة، عندما يظهر بعض مسؤولي الصحة العامة أنهم غير جديرين بالثقة تماماً.
وقد حدثت آخر مشادة في هذه الدراما في 20 يوليو بين الدكتور أنتوني فاوتشي والسيناتور «الجمهوري» راند بول، حيث أشار الأخير إلى أن فاوتشي قد كذب على الكونجرس في الادعاء بأن المعاهد الوطنية للصحة لم تمول أبداً أبحاثا ً حول التغيير الوراثي بطريقة قد تعزز (الوظائف البيولوجية) في معهد ووهان لعلم الفيروسات. قال فاوتشي إن البحث الذي مولته المعاهد الوطنية للصحة بشكل غير مباشر بمنحة قدرها 600000 دولار لم يكن مرتبطاً بفيروس «كوفيد-19» ولم يكن مؤهلاً باعتباره بحثاً وهي تقنية بحث يتم من خلالها جعل العامل المسبب للمرض أكثر قابلية للانتقال.
والحقيقة التي حجبتها الجهود الحثيثة حتى وقت قريب (بما في ذلك من قبل فاوتشي) لرفض نظرية تسرب أصول الوباء من المختبر -هي أن المؤسسة العلمية للحكومة الأميركية دعمت بالفعل أبحاثاً حول ما يسمى «الوظيفة المكتسبة» التي كانت تستحق المزيد من النقاش العام أكثر مما حصلت عليه. كما إن الحقيقة التي لا جدال فيها هي أن المستفيدين من هذا التمويل انخرطوا في تكتيكات خادعة وكذبة صريحة لحماية أبحاثهم من التدقيق العام بينما شجبوا منتقديهم باعتبارهم مروجين لنظرية المؤامرة.
وما ينطبق على الأسئلة حول أصول الوباء ينطبق أيضاً على أسئلة حول كيفية معالجته. بالغت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها إلى حد كبير في مخاطر انتشار الفيروس في الهواء الطلق، والذي يبدو (على الأقل حتى ظهور متغير دلتا) أقرب إلى 0.1% من نسبة تصل إلى 10%. وكذب فاوتشي حول ما رأى أنه الحد الأدنى للوصول إلى مناعة القطيع، استناداً، كما أفاد دونالد ماكنيل في صحيفة ذا تايمز في ديسمبر، إلى «شعوره الغريزي بأن البلاد مستعدة أخيراً للإنصات إلى ما يفكر فيه».
ووجدت دراسة مثيرة للقلق لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أن الأطفال من أصل لاتيني وأفريقي كانوا أكثر عرضة لخطر دخول المستشفى بسبب «كوفيد-19»، مما أسهم في الضغط لإبقاء المدارس العامة مغلقة على الرغم من الأدلة المتزايدة على أن المدارس لم تكن مناطق ساخنة لانتقال الفيروس.
كان تأثير هذه المعلومات الخاطئة على الحياة اليومية هائلاً. وتعتمد مصداقية خبراء الصحة العامة على فهم أن مهمة إعلام الجمهور تعني تقديم الحقيقة كاملة، بما في ذلك الشكوك، بدلاً من تقديم أكاذيب نبيلة في خدمة أي شيء يعتقدون أن الجمهور يحتاج إلى سماعه.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»