توسعت رحلات البشر إلى الفضاء مع ذهاب «ريتشارد برانسون» و«جيف بيزوس» إلى الفضاء خلال هذا الشهر. لكن هذا التوسع التجاري البارز يطرح السؤال التالي: هل هناك حاجة إلى المزيد من القواعد تحكم مجالاً بلا طرق، مجازياً، ويشهد نمواً متصاعداً في النشاط؟
فمع اتساع نطاق فرص السفر إلى الفضاء، تظهر مخاوف أخلاقية وعملية. فكيف نحافظ على السلامة في ظل تزايد حركة السير وعدد أكبر من الأقمار الاصطناعية والتجارب العلمية والمخلفات، واحتمال ظهور نشاط عسكري؟ ففي مايو الماضي، لفتت العودة التي خرجت عن نطاق السيطرة لصاروخ فضائي صيني إلى الأرض انتباه العالم إلى التحديات التي تشكلها نفايات الفضاء- بما في ذلك ما بقي منها في مدار دائم- وما قد تشكله من خطر على مركبات الفضاء. وفي سبتمبر 2019، أظهر الاقتراب من التصادم بين قمر اصطناعي تابع لشركة «سبيس إكس» وقمر آخر تابع لوكالة الفضاء الأوروبية في مدار منخفض من الأرض الافتقار إلى القواعد الدولية في كيفية معالجة تفادي التصادم، وفقاً لتقرير لمؤسسة «راند» البحثية.
ويرى «بروس مكلينتوك»، البريجادير جنرال المتقاعد من القوات الجوية الأميركية، الذي يقود مبادرة مشروع الفضاء في شركة «راند»، وهو مؤلف تقرير الشركة الجديد أن «هناك مؤشرات واضحة للغاية على أن قانون الفضاء أو حوكمة الفضاء- إذا أردت استخدام هذا المصطلح- عتيق». وعلى الرغم من أن القواعد بشأن الفضاء نوقشت عالمياً على مدار سنوات، بما في ذلك معاهدة الفضاء الخارجي التي تعود إلى عام 1967 التي وقعها 110 دول، لكن الاتفاقات القائمة مبهمة غالباً أو تجاوزها الزمن في عصر توسع فيه النشاط الفضائي. وأشار تقرير راند إلى خطر «مأساة المشاع»، وهو مصطلح يشير إلى تقاعس الأطراف المشاركة عن الاهتمام بمجال عام لأن حدود المسؤولية غير واضحة.
وفي معاهدة الفضاء الخارجي، تلزم المادة السادسة الدول بـ «تحمل مسؤولية دولية عن النشاط القومي في الفضاء الخارجي»، سواء كان هذا النشاط حكومياً أو تجارياً. ويرى «فرانز فون دير دونك»، أستاذ قانون الفضاء بجامعة «نبراسكا- لينكون»، الذي تحدث من هولندا التي يدير فيها شركة استشارات قانونية خاصة بالفضاء، أن المعاهدة تعود إلى عصر كانت الدول وحدها هي التي تستكشف الفضاء، وفي الأساس دولتان، أميركا والاتحاد السوفييتي. صحيح أن الولايات المتحدة تبنت اتفاقات «ارتميس» في أكتوبر الماضي التي نصت على مبادئ بشأن الفضاء مثل الاستكشاف السلمي والشفافية، لكن الوثيقة المؤلفة من 18 صفحة ليست ملزمة قانونياً.
وشركة «بلو أوريجين» التي يملكها «جيف بيزوس» ليست إلا واحدة من شركات كثيرة في المجال مثل شركة «فيرجين جالاكتيك»، التي يملكها «برانسون» وشركة «سبيس إكس»، التي يملكها «أيلون ماسك» التي أطلقت رواد فضاء لصالح ناسا (الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء) في وقت مبكر من هذا العام وتشغل مئات الأقمار الاصطناعية. ويرى «سكوت بيس»، السكرتير التنفيذي لمجلس الفضاء القومي، وهو منظمة تابعة للبيت الأبيض تشرف على نشاط الفضاء أعيد تأسيسها عام 2017 في إدارة ترامب أن «ما يقومون به خطر قطعاً».
وفي جلسة استماع في وقت مبكر من العام الجاري عن القواعد بشأن الفضاء، أشار النائب «الديمقراطي» جيم كوبر إلى إدارة حركة الفضاء وحظر المخلفات ومساحة مناطق الأمان باعتبارها مجالات ربما تستدعي اتفاقاً دولياً جديداً. ويرأس «كوبر» لجنة فرعية منبثقة عن لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب تشرف على نشاط الفضاء في وزارة الدفاع وسلاح الفضاء الناشئ.
ذكر «بيس»- السكرتير التنفيذي لمجلس الفضاء القومي، وهو أيضاً مدير «معهد سياسة الفضاء» في جامعة جورج واشنطن- أنه على الرغم من تركيز اهتمام السياحة الفضائية الآن على المليارديرات الأميركيين، مثل «بيزوس»، فإن الصين لديها مليارديرات أيضاً، ولذا لن تظل أميركا تهيمن على سوق الفضاء التجاري في المستقبل على الأرجح. ويرى «بيس» أنه من المحتمل توقيع اتفاقية تعاونية بين المشاركين في نشاط الفضاء. صحيح أن البرازيل أصبحت الشهر الماضي الدولة الثانية عشرة التي تنضم إلى اتفاقات «ارتيميس»، لكن الصين وروسيا لم يوقعا. وأعلن البلدان في وقت مبكر من العام عن خطط لبناء محطة فضاء في مدار القمر.
ويؤكد «بيس» أن «الطريقة التي نعمل بها في الفضاء تعكس قيمنا». وذكر «بيس» أن برنامج «ارتيميس»، وهو مسعى دولي بقيادة «ناسا» لإرسال أول امرأة ورجل آخر إلى سطح القمر عام 2024- يمثل تغيراً في الاستراتيجية عن برنامج «أبولو» في القرن العشرين. ومضى يقول «القيادة يختلف معناها كثيراً اليوم. في الستينيات كانت تتعلق بما نستطيع القيام به بأنفسنا، أما اليوم فإنها تتعلق بمن يمكننا ضمه إلينا» في الإنجاز.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»