في يونيو المنصرم عرقلت القاضية الاتحادية «مارسيا موراليس هاورد»، مؤقتاً برنامجاً لإدارة بايدن بقيمة أربعة مليارات دولار لتخفيف عبء الديون عن «مزارعين مظلومين اجتماعياً»- بشرط أن يكونوا من الأقليات العرقية- رغم اعترافها بتاريخ وزارة الزراعة القبيح في الممارسات التمييزية العرقية. وذكرت القاضية أن «المزارعين المظلومين اجتماعياً» يمكنهم الحصول على 120% من تخفيف عبء الديون بموجب البرنامج حتى لو كانوا «غير معرضين لخطر نزع الملكية ولو من بعيد». وأضافت، إنه في مقابل هذا «لا يستطيع المزارع الأبيض الصغير المعرض لخطر نزع الملكية القيام بشيء ليتأهل للحصول على تخفيف للمديونية. العنصر أو العرقية هي العامل الوحيد غير المرن الذي يحدد إمكانية الحصول على إغاثة».
والحالات الثلاث تثير أسئلة قانونية وأخلاقية. لكنها جميعاً تمثل تنويعات على الجدل الأساسي نفسه بين المساواة الحديثة المعقدة والمساواة عتيقة الطراز. وهو جدل يدور بين أشخاص مثل الكاتب «إبرام إكس. كيندي»، الذي يريد تشكيل صيغ جديدة لما يطلق عليه «تمييز ضد العنصرية» لإصلاح الصيغ الماضية للتمييز العنصري، وبين أشخاص يتبنون تصور «جون روبرتس»، رئيس المحكمة العليا، الذي مفاده أنه يمكننا التصدي للتمييز على أساس العرق دون تمييز على أساس العرق. وليس من الصعب توقع أي الفريقين سيفوز بهذا الجدل. والسبب في هذا لا يرجع فحسب إلى سيطرة المحافظين على قمم المحاكم، التي سستحسم بعض المسائل القانونية المحورية على الأقل.
السبب الأعمق هو أن المدافعين عن المساواة يقومون بأمرين ينتهكان بهما البدهيات العادية، أحدهما خبيث والآخر صريح. والخبيث هو إعادة تعريف كلمة «المساواة» التي تعني في الإنجليزية الشائعة النزاهة واللاتحيز حتى أصبحت تعني شيئاً أقرب إلى العكس؛ أي التحلي بأي شيء غير اللاتحيز لتحقيق النتيجة المرغوبة التي يفترض أنها أكثر عدلاً. والصريح هو التفضيل العرقي والعزل العنصري الصريح والإدعاءات المهينة والسفسطة الثقافية العامة بوجود أيدولوجية مناهضة للعنصرية.
ووجود شيء يطلق عليه جماعة «محاسبة البيض» مهين لكل الأشخاص الذين مازالوا يؤمنون بأنه يجب الحكم علينا بناء على مكونات شخصيتنا. ومن الاستخفاف بالقانون الذي يفترض أن تطبقه الحكومة أن تقترح الحكومة الاتحادية التورط في نشاط إقراض تمييزي بينما الإقراض على أساس التمييز جريمة. وعدم منح الصحفيين مقابلات على أسس عرقية خالصة هو عنصرية بالتعريف مهما يكن من أمر المسوغات.
وكل هذا كان يجب أن يكون واضحاً قبل بضع سنوات فحسب. لكن التصور الجديد يجري فيه تسويغ العنصرية باسم مناهضة العنصرية وتسويغ التمييز لخدمة المساواة. وهذا يوحي بأجواء روايات جورج أورويل السياسية. وقد يلقى هذا قبولاً في الدوائر السياسية والمؤسسية التقدمية المعتادة لكنه ليس طريقة جيدة للفوز بأنصار جدد في وقت يؤمن فيه معظمنا بأن وعد أميركا يكمن في الخروج من الإطار الضيق للعرق والهوية وإلا سنظل دوماً واقعين في هذا الأسر.
وهناك ليبراليون يعتقدن أن هناك تهويلاً في الأمر، لكن يجب عليهم انفاق بعض الوقت في التفكير في الدور المثالي الذي تلعبه بعض الأشخاص لخدمة الصور النمطية لدى الجناح اليميني. ويجب على هؤلاء الليبراليين إنفاق وقت آخر في التساؤل عن مدى خطورة التقدميين الذين لا يرون إلا اللون على ما كافح الليبراليون من أجله طويلا وهو قيام مجتمع يستطيع رؤية ما وراء اللون أو لا يرى الألوان أصلاً. محاولة حل العنصرية القديمة بعنصرية جديدة لن ينتج إلا المزيد من العنصرية، وهذه نتيجة ليس من الصعب توقعها. العدل لا يتحقق أبدا بتبديل المواقع.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»