إنه هدف طموح وضعه الرئيس جو بايدن لنفسه وأمته لقيادة الطريق فيما يراه التحدي الدولي الرئيسي في عصرنا: إصلاح وتنشيط الديمقراطية كنموذج مثالي للحكم. بايدن قال للصحفيين في نهاية اجتماع نهاية الأسخبوع الماضي في بريطانيا لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، إنها «مسابقة» حقيقية. وكانت «الحكومات الاستبدادية في جميع أنحاء العالم»، التي كانت تقف على الجانب المقابل، أكثر طموحاً وحزماً من أي وقت مضى.
ومع ذلك، بينما وجد بايدن الحلفاء الرئيسيين متقبلين، فإن أول رحلة خارجية له كرئيس أوضحت رسالة أخر: أن مهمته لن تكون سهلة.
ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن العديد من القادة الأجانب ومواطنيهم يشككون في صحة الديمقراطية الأميركية، التي تزعزعت بسبب التمرد في مبنى الكابيتول الأميركي في شهر يناير الماضي، والعودة إلى الحرب الحزبية والجمود التشريعي في واشنطن في الأشهر التي تلت ذلك.
لا يزال رؤساء حكومات الحلفاء متقلبين بشأن احتمالية أن يستعيد شعبوي على شاكلة ترامب، يردد شعار «أميركا أولاً»، أو حتى الرئيس السابق دونالد ترامب نفسه، البيت الأبيض في المرة القادمة. ويظهر استبيانان جديدان للرأي مدى عمق الشكوك العامة الدولية بشأن واشنطن.
لفت التقرير السنوي الذي أصدره مركز «بيو» للأبحاث الأسبوع الماضي عن مكانة أميركا في العالم الانتباه إلى التحسن السريع الأخير في المشاعر العامة العالمية تجاه أميركا ورئيسها. قال 75% في المتوسط في 16 دولة شملها الاستطلاع، إنهم يثقون في بايدن «لفعل الشيء الصحيح» على الصعيد الدولي – مقابل نسبة 17% التي حصل عليها ترامب في عام 2020.
ولكن بخلاف الدعم المقدم لبايدن، وجد الاستطلاع ثقة أقل بكثير في النظام الديمقراطي نفسه في أميركا.
شعر متوسط 50% فقط أن الديمقراطية الأميركية تعمل بشكل جيد. وقال 17% فقط ممن شملهم الاستطلاع أن أميركا كانت مثالاً جيداً للديمقراطيات في جميع أنحاء العالم.
وظهرت صورة مشابهة إلى حد كبير من استطلاع للرأي أجراه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وشمل 12 دولة أوروبية.
في ثلاث دول فقط -إيطاليا والمجر وبولندا -شعر أكثر من نصف المستطلعين أن الحكومة الديمقراطية الأميركية تعمل بشكل جيد. في بلدان أخرى، اعتبر معظم المستجيبين أن الديمقراطية الأميركية «معطلة» إلى حد ما أو تماما.
ويبدو أن بايدن نفسه يدرك تماما أن هذا ليس مجرد تحدٍ للعلاقات العامة.
إذا كانت أميركا ستقود -ناهيك عن الفوز -منافسة بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، فهو يعلم أن أميركا وحلفاءها سيتعين عليهم اجتياز اختبار عملي حاسم: لإثبات أن نظام الحكم لديهم يمكنه بالفعل تلبية احتياجات شعوبهم وشعوب العالم الأوسع.
هناك تحديان مرتبطان بالسياسات بوصفهما اختبارين رئيسيين: تغير المناخ ورؤية القرن الحادي والعشرين الواسعة للبنية التحتية التي تشمل الطاقة النظيفة والابتكار عالي التقنية بالإضافة إلى مشاريع الطوب والمونة (مشاريع البنية التحتية) الكبرى.
على الصعيد الدولي، يُقصد بذلك أن يكون تحدياً واضحاً، قبل كل شيء، للصين.
فيما يتعلق بتغير المناخ، يأمل بايدن في تشجيع وقيادة الأهداف الطموحة الجديدة منخفضة الكربون التي حددتها دول مجموعة السبع عندما يجتمع العالم في اسكتلندا في وقت لاحق من هذا العام لمتابعة اتفاقيات باريس للمناخ. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، يريد إنشاء تحالف من الديمقراطيات المتقدمة من شأنه أن يزود البلدان الفقيرة بالمال والخبرة التي تحتاجها لمشاريعها التنموية. يُقصد بذلك أن يكون بديلاً لمبادرة الحزام والطريق التي تبلغ تكلفتها حوالي 1 تريليون دولار والتي أطلقتها الصين في جميع أنحاء آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
ولكن في حين أنه قد تلقى التشجيع من الرد الأولي لشركائه في مجموعة الدول السبع، يعلم بايدن أنهم سيشاهدون أيضا الأحداث في واشنطن عندما يعود في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
كلا التحديين اللذين طرحهما في اجتماعات مجموعة السبع مدرجان أيضاً على أجندة السياسة الداخلية الأميركية، على شكل «خطة الوظائف الأميركية»، وهي اقتراح شامل للبنية التحتية والطاقة الخضراء بتكلفة تبلغ حوالي 2 تريليون دولار.
كان طموح الرئيس، عندما كشف النقاب عن هذا الاقتراح منذ ما يقرب من شهرين، أنه سيقدم عرضاً محلياً لكيفية معالجة المهام التي أبرزها في قمة مجموعة السبع. سيكون مثالاً على الكيفية التي تعمل بها الديمقراطيات بشكل أفضل، على الرغم من التحدي في السنوات الأخيرة من الاستبداد وشعبوية الرجل القوي. أنهم قادرون على الارتقاء إلى مستوى تحديات السياسة في القرن الحادي والعشرين، وما زالوا يقومون بإنجازات كبيرة بشكل جيد.
لكن المشكلة أن الأمور لا تسير على هذا النحو في الوقت الحالي. على الأقل كما تبدو الأمور الآن، يكافح الرئيس بايدن لحشد دعم الحزبين لرؤيته في الكونجرس، الغارق في الجمود.
هذا يثير سؤالاً مهماً. كيف يمكن لرئيس أميركي أن يقنع العالم بأن الحكم الديمقراطي يمكن أن يقدم سياسة فعالة وطموحة إذا كان هو غير قادر على الوفاء بهذا الوعد في الداخل؟

*صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»