بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ عام 2016، بتبنّي مفهوم «حكومة المستقبل»، من خلال تعزيز المعارف والخبرات الحكومية باستباقية وجاهزية للمستقبل، وتصميم نماذج عمل جديدة ومستدامة تُمكّن الحكومات من الارتقاء بأدائها لبناء مستقبل أفضل للأفراد والمجتمعات، الأمر الذي يستحضر إلى الأذهان قولَ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ذات يوم، «إن حجم التغييرات من حولنا، وحجم الطموحات التي نريدها لشعبنا يتطلب فكرًا جديدًا في شكل الحكومة وآليات عملها.. لا يمكن أن نعبُر للمستقبل بأدوات الماضي».
ويأتي انطلاق أولى «سلسلة جلسات قمّة المستقبل الرقمي» رسميًّا اليوم في أبوظبي، افتراضيًّا، تحت عنوان «حكومات المستقبل»، بمشاركة نخبة رفيعة المستوى من خبراء التكنولوجيا والتحول الرقمي في العالم، تأكيدًا لاهتمام الدولة المتواصل بالوصول إلى مستقبل يوفّر للأفراد مستويات عالية من الرفاه والازدهار، ويتحقّق من خلال تقديم خدمات حكومية ذكية تسهّل عليهم تسيير معاملاتهم بسلاسة وسرعة ودقّة، وتقلّل من الوقت والجهد اللازمين لتنفيذ معاملاتهم. وفي السياق ذاته، أعلنت مؤسسة «القمة العالمية للحكومات» أخيرًا توقيع ثماني شراكات معرفية جديدة مع نخبة من الشركات الاستشارية والمؤسسات البحثية المتخصصة في العالم، بهدف إطلاق سلسلة دراسات علمية وتقارير ذات نهج استباقي، تحدد الفرص الجديدة للحكومات وتعزز جاهزيتها للمستقبل في مرحلة ما بعد جائحة «كورونا».
لقد اهتمّت دولة الإمارات بتعزيز نهج حكومات المستقبل انطلاقًا من سعيها الدؤوب إلى تحقيق قفزات تنموية كبيرة، وإتاحة فرص جديدة من خلال اعتماد مبدأَي التغيير وتجديد الأفكار والدماء، وإيجاد بيئة عمل حكومية تحكمها الأفكار الجديدة والتقنيات والأدوات الحديثة التي تواكب العصر، وتستند إلى رؤى مبتكرة يتعزز فيها الأداء الحكومي، وتتحقق من خلالها متطلبات المتعاملين برضا وسعادة تامّين عن الخدمات المقدّمة لهم، فالتحول الرقمي في القطاع الحكومي بات ضرورة قصوى لما للتقنيات الرقمية من دور كبير، حالي ومستقبلي، في تمكين الحكومات من تلبية احتياجات الأفراد، وبناء مستقبل أفضل للمجتمعات.
إن تبنّي دولة الإمارات لمفهوم «حكومة المستقبل»، هو تأكيد لجاهزية القيادة الرشيدة للتحديات المستقبلية المصاحبة لحقبة ما بعد النفط، وسعي إلى توفير بيئة لتحقيق الإنجازات التي تخدم بالمحصّلة الإنسان وتحقق له السعادة وتحفّزه على بذل المزيد من المساعي والجهود اللازمة لتقدّمه، من خلال حرصه على تعلّم أفضل المعارف والمهارات التي تؤهله ليكون شريكًا حقيقيًّا في عملية البناء والنهضة والتنمية، وتعزيز مكانة الدولة في خريطة التنافسية العالمية.
* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.