تحرص الإمارات على إعلاء مفهوم السلام والانفتاح والتنوع والتسامح، ولذلك تفتح أبوابها لشعوب العالم بغض النظر عن الاختلافات العرقية والدينية والثقافية، بحيث يعيشون فيها في وئام وانسجام ويسعون إلى التنمية المشتركة. وتم تصنيف أبوظبي ودبي كأكثر المدن أماناً عدة مرات، بما يجعل الإمارات «واحة السلام» في الشرق الأوسط، والتي تنعم بالاستقرار والأمن في منأى عن النزاعات العرقية والدينية والجيوسياسية المتشابكة في المنطقة. هذا ويسود الإمارات جو الهدوء والترفيه للمقيمين، والتعايش السلمي لمختلف الأديان واندماج الحضارات المتنوعة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المنسقة، مما حقق حلم الشيخ زايد الأب المؤسس لاتحاد الإمارات بإنشاء «نموذج عالمي للتسامح والتعايش».
في عام 2016، قامت الحكومة الإماراتية بإنشاء وزارة التسامح والتعايش التي تعد الأولى من نوعها عالميا وتبنّي «البرنامج الوطني للتسامح»، رمياً إلى توفير فرص عمل متكافئة لشعوب العالم وتقديم الحماية القانونية العادلة لحقوقها ومصالحها وبناء «عاصمة عالمية للتسامح».
وحددت الإمارات عام 2019 «عام التسامح»، حيث أجرت سلسلة من الأنشطة المتمحورة حول خمس محاور رئيسية، ألا وهي: تعليم الشباب والتبادل الثقافي والأنشطة المجتمعية والتشريعات واللوائح والترويج الإعلامي، ومن شأن ذلك ترسخ قيم التسامح والمساواة والتعايش والمودة في نفوس الناس. في نفس العام استقبلت الإمارات قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في أول زيارة تاريخية له إلى دول الخليج العربية، أجرى فيها مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف حوار السلام العابر للأديان، ووقعا على «وثيقة الأخوة الإنسانية»، الأمر الذي وضع علامة فارقة في تاريخ الأديان العالمية، وقدم مساهمة مهمة في تدعيم التعايش المتناغم بين الأديان وتحاور وتلاحم الحضارات. من ناحية، أعلنت الإمارات عن مشروع «بيت العائلة الإبراهيمية» في جزيرة السعديات بأبوظبي، والذي يجمع بيوت العبادة الإسلامية والمسيحية واليهودية تحت سقف واحد بغية تعزيز التسامح الديني. ومن ناحية أخرى، أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في عام 2020، حريصة على تعميق التفاهم والاحترام المتبادلين بين الأديان الثلاثة، وإرساء مكانتها كنموذج ملهم في حرية المعتقد الديني والتسامح.
وبدورها تولي الإمارات اهتماما بترسيخ روح التسامح من خلال استضافة الفعاليات الدولية متعددة الأطراف. في عام 2019، نظمت الإمارات كلا من بطولة كأس آسيا لكرة القدم بعنوان التسامح التي لا تضاهيها البطولات السابقة من حيث الحجم بعد توسيعها إلى 24 فريقا، ودورة الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص - أبوظبي بمشاركة 7500 رياضي من 190 دولة ونيف، التي غدت حدثا رياضيا إنسانيا متميزا.
أما في هذا العام فستستضيف دبي معرض إكسبو الأكثر شمولاً، سماحاً لكافة الدول بالمشاركة فيه وتظهر مزاياها عن طريق جناحها الخاص.
علاوة على ذلك تشارك الإمارات بنشاط في المساعدات الدولية، بما يبرز صورتها في التسامح على الساحة الدولية. وتتصدر دول العالم لسنوات متتالية بكونها أكثر المانحين سخاء، في نسبة المساعدات الخارجية من الناتج القومي الإجمالي، حيث تظل تقدم كمية كبيرة من المساعدات إلى اليمن وسوريا وفلسطين وغيرها من الدول التي ترزح تحت وطأة الحروب والمجاعات. منذ تفشي فيروس كورونا المستجد، أرسلت الإمارات أكثر من 2000 طن إجمالا من المعدات الطبية والإمدادات الإنسانية إلى نحو 140 دولة، ويستفيد منها مليونا عامل في مجال الرعاية الصحية.
في شهر رمضان الماضي أطلق صاحب سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «حملة 100 مليون وجبة» التي شاركت فيها المنظمات والشخصيات الخيرية من 51 دولة وجمعت أكثر من 200 مليون وجبة في 28 يوماً، و تم تقديمها إلى الشرائح الأكثر ضعفا في ما يزيد على 30 دولة. وبمجرد حلول شهر رمضان، أمر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة بالإفراج عن 439 نزيلا لإعطائهم فرصة للعودة إلى المجتمع، حتى الإعفاء من الديون لبعضهم لتخفيف العبء الملقى على أسرهم، فتليه الإمارات الأخرى للدولة في الإفراج عن النزلاء.
قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «إن التسامح ليس عبارة عن شعار، ويجب أن يتم نسجه في نسيج مجتمعنا لحماية مستقبلنا والحفاظ على التقدم الذي أحرزناه». تسجل الصين تقديراً عالياً وتقييماً إيجابياً لمفهوم التسامح والتعايش، الذي تدعو إليه الإمارات، حيث إنه يتماشى مع مفهوم التناغم الكامن في الثقافة الصينية التقليدية، ويتكامل مع مفهوم «بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية»، الذي طرحه فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ. ومع انفتاح الصين على الخارج بشكل مطرد أصبحت وجهة العمل والعيش لمزيد من الأجانب حتى يربو عددهم على مليون شخص، بالتوازي مع توافد نحو 500 ألف طالب من 200 دولة أو منطقة إلى الصين للدارسة، ما جعلها أكبر مقصد للدارسة في آسيا، وموطنا مثاليا للابتكار وريادة الأعمال بالنسبة لنخبة دول العالم، فيمكن القول إن الصين تكون أكثر تسامحاً وتناغماً من أي وقت مضى تاريخيا. على وجه الخصوص، تدعو الصين والإمارات إلى تعميق التواصل والتعاون الإنساني والثقافي بين كافة الدول بناء على الانفتاح والتسامح والتدارس والتنافع، بغية إذابة الخلافات وسوء التفاهم وتعزيز تقارب الشعوب. كما أقام البَلَدان العديد من منصات التعاون في مجالات الثقافة والتعليم والرياضة.. إلخ، سعياً إلى فتح آفاق رحبة في تدعيم التواصل بين الشباب والجمعيات الشعبية والمحلية ووسائل الإعلام والمؤسسات الفكرية، وإيجاد طرق مبتكرة في تعميق التعاون الثنائي بشتى أنواعها.
يقول المثل الصيني: «إن زهرة واحدة لا تكشف عن سر الربيع، بل زهور تتفتح وتتبارى». وعليه، إن الطريق المستقيم هو تعزيز التلاحم والاستفادة المتبادلة بين الحضارات لتحقيق الوئام والشمول والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك. تعد الصين والإمارات شريكين طبيعيين في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، بفضل تشابه الرؤى وتقارب الشعبين وتواصل القلوب. واستشرافاً للمستقبل نحرص على تعزيز التواصل الإنساني والثقافي وتشجيع حوار الحضارات بين الصين والإمارات وبين دول العالم جمعاء، لتتفتح زهور التسامح والتناغم في كل أرجاء كوكبنا الأزرق المشترك.
* السفير الصيني لدى دولة الإمارات العربية المتحدة.