في أواخر شهر رمضان عقدت «جمعية الإمارات لرعاية الموهوبين» جلسة افتراضية حوارية تحت رعاية وحضور معالي الفريق ضاحي خلفان تميم، رئيس مجلس إدارة الجمعية، ومشاركة أصحاب المعالي وزير التربية ووزيرة تنمية المجتمع ووزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة والعديد من أصحاب السعادة المسؤولين في الحكومة الاتحادية والمحلية، إضافة إلى المهتمين بتطوير واقع الموهبين في دولة الإمارات. وقد تم استعراض الجهود التي تبذلها الجهات الوطنية المختلفة في رعاية الطلبة الموهوبين، حيث قدمت سعادة الدكتورة آمنة الضحاك عرضاً مختصراً لجهود وزارة التربية في هذا الشأن، كما أبرزت الدكتورة مريم الغاوي الدور الذي تقوم به مؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم في هذا الإطار، إضافة إلى العديد من المتحدثين الذين بينوا إسهامات مؤسساتهم في اكتشاف ورعاية هذه الفئة المهمة لمستقبل الدولة.
ولاحظ المشاركون الزخم الكبير الذي تبذله الجهات الرسمية والأهلية في هذا الصدد، لكنها جهود مشكورة غير متكاملة، فكل يعزف على وتره الخاص، مما أدى إلى عدم تكامل وتناغم تلك الجهود. وقد سبق لـ«جمعية الإمارات لرعاية الموهوبين»، عقد جلسة عصف ذهني مع الجهات الاتحادية والمحلية للتباحث حول مستقبل رعاية الموهوبين في الإمارات. وكان من ضمن الاقتراحات التي أوصت بها تلك الجلسة، تأسيس هيئة عليا على المستوى الوطني لتنسيق الجهود المتعددة المتخصصة في رعاية الموهوبين. وخلال الجلسة الرمضانية تم التأكيد على أهمية المبادرة لإنشاء هذه الهيئة الاتحادية.
ومن ضمن المخرجات التي أوصت بها الجلسة الافتراضية الرمضانية الإعلان عن يوم الموهوب الإماراتي، وقد تم اقتراح أن يكون تاريخ 6 مايو اليوم الذي وُلد فيه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، هو اليوم الذي تحتفل به الإمارات بهذه الفئة المتميزة من أبنائها، فكما أن ميلاد زايد بن سلطان آل نهيان كان نقطة تحول كبرى في مسيرة الوطن والمنطقة، فكذلك هذا التاريخ يجسد نقطة بداية استراتيجيات جديدة لرعاية الموهوبين في الدولة.
قصة رعاية الموهوبين من النوع السهل الممتنع، لذلك تفشل في هذه المهمة الكثير من الدول للأسف الشديد، وتتلخص فكرة الاهتمام بالموهوبين في ما أسميه بـ(الراءت الثلاث)، وهي الحروف الأخيرة من هذه الكلمات: الاختيار والتطوير والاستثمار. تفشل بعض الدول في نقطة البداية، وهي سبل اختيار الموهوبين من غيرهم، فتعتمد أساليب غير علمية في هذا الاختيار أو تستورد مقاييس عالمية، قد لا تصلح لبيئتها.
ولله الحمد والمنة، نجحت «مؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم» في تطوير «مقياس حمدان للموهبة»، وهي سلسلة من الإجراءات التي تم بناؤها وتجريبها على أيدي خبراء عالمين على مدى أكثر من 4 سنوات كي يتم اعتمادها. تبقى المرحلة الثانية، وهي رعاية العقول المبدعة، فهم بحاجة إلى حاضنات تطور أفكارهم وتساعدهم في نقلها من الفكر إلى التطبيق، ومن ثم استثمار تلك العقول هي المهمة الأصعب في هذا المجال، إن وجود «هيئة الإمارات لرعاية الموهوبين» ستشكل نقطة تحول في رعاية واستثمار المواهب، كي تقطف الدولة ثمار تلك العقول اليانعة.
* أكاديمي إماراتي