كانت جهات كثيرة في أنحاء العالم تنتظر باهتمام بالغ مع كل فرد في دولة الإمارات العربية المتحدة يوم الثاني من سبتمبر 2021 لحظات حاسمة في دخول الإمارات العربية المتحدة واسم العرب التاريخ العالمي المعاصر بإنجاز كبير الأثر والتأثير، هو دخول مسبار الأمل مدار المريخ، وقد حقق الله الأمل ونجحت المهمة وأصبحت لحظة فارقة في تاريخ العرب الذي تتقدمه دول الإمارات العربية المتحدة. هذه اللحظة التاريخية بدأها القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وأّصلها أبناؤه، وحفرها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، على جبين التاريخ والزمن حين قال: «ما ننسى صورة الشيخ زايد...هو بدأها وأنتم وصلتم». وإن الوصول إليها كان بقيادة استثنائية جعلت سعادة رفعة الوطن وعزته تفكيرها وعملها ونشاطها وهمها، وحقق الإنجازات الضخمة في كل صعيد دخلته وكل عمل باشرته، فالطاقة النووية السليمة، و«مسبار الأمل»، والتقدم التكنولوجي الرقمي، والصناعات الدقيقة الفائقة، وغيرها من الإنجازات العظيمة التي عجزت عنها دول كبيرة الحجم ضاربة في التاريخ والحضارة، كل هذا جعل لقيادتنا بعداً عالمياً في التأثير والتغيير.
أما التأثير: فقد وضعت قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة وأفكار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حفظه الله، هذه الدولة والعرب كلهم في موقع التأثير العالمي والحضور الإنساني في كل مكان في الفضاء والبحر والأرض، وأصبحت الدول العظمى ترى أن العرب موجودون بقوة فكرهم، وسعة طموحهم، وإصرار عزيمتهم، في كل ساحات التنافسية العالمية، ولهم فيها مكان متقدم في مؤشرات هذه التنافسية.
إن قيادة دولة الإمارات وفكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد حفظه الله أصبح لهما الأثر الكبير في التأثير على الفكر العالمي وإعادة نظرته للعرب في واقعهم ومستقبلهم، وأصبحت مراكز المعرفة ومنصات صنع القرار العالمي ترى غير ما كان في الماضي تجاه دولة الإمارات أولاً والعرب ثانياً، وهذا الذي تريده قيادتنا الرشيدة ويسعى إليه بكل جهده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد حفظه الله، وأكده بكلمات مشرقة تهز قلب كل شاب إماراتي وعربي وشابة إماراتية وعربية حين قال لحظة نجاح «مسبار الأمل» لفريق الشباب من الجنسين: «الذي حققتموه شرف لكم ولأهلكم ولبلادكم ولأمتكم». وقال بحب الأب الحنون والقائد الحكيم: «نتمنى أن نحضن كل واحد منكم» إنها دفعات قوة معنوية تبعث مزيداً من الوفاء والعمل في كل شاب وشابة.
وكم كانت قضايا العرب في المحافل الدولية تهضم وتضيع وتغيب لقلة التأثير العربي، أما اليوم فغيره بالأمس ولا يمكن أن يكون هناك تجاهل للعرب أو خروج عن مسرح التأثير العالمي والإنجازات من هنا عظيمة ومتلاحقة، والحضور الإماراتي العربي بروح القائد المؤسس الشيخ زايد طيب الله ثراه وفكر الشيخ محمد بن زايد حفظه الله في كل مكان في العالم.
هذا التأثير المتنامي حري بأن تلتف حوله كل السواعد العربية والعقول المبدعة ليأخذ مكانه الكامل وقوته الكبيرة في صناعة المستقبل البشري.
وأما التغيير: فإن القيادة الرشيدة التي سهرت ودأبت وتابعت خطى القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه جعلت العقلية العربية المعاصرة والنفسية العربية تتغير لدى الشباب والأجيال الصاعدة، ودولة الإمارات نموذج بنهضتها المباركة وقوتها المعنوية الواسعة التي تستند إلى العلم والقيم، قد جعلتها القيادة ركنين أساسيين في النهوض والازدهار والتفوق والاستقرار، وأرادت القيادة الرشيدة ان تصل الحاضر بالماضي وتفتح طريقاً جديداً من هذا الوطن لكل أبناء الوطن العربي، وهنا يؤرخ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي حفظه الله لنقطة فاصلة عندما قال: «مبروكين على المريخ والتاريخ»، أي أننا دخلناهما من أوسع الأبواب.
إن الأعمال الكبرى في التاريخ العربي لدخول الإنسانية المتقدمة تحتاج لكل العقول المبدعة والأفكار الساطعة، وهذا الذي أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد حفظه الله في مناسبات عديدة وهو يرعى هذه الأجيال، ويسهل لها طريق الوصول إلى الغايات النبيلة، وآخر ما قاله حفظه الله في يوم الثاني من سبتمبر، وهو يبارك النجاح (جيل يسلم الراية لجيل)، فهو يريدها حفظه الله مسيرة دائمة ومستمرة في التفوق والنجاح، ولقد وجد الشباب العربي فيها صورته ومعناه وآماله وطموحاته، وهو يرى شباب الإمارات يرفع الراية في المقدمة ويحقق الفوز والنجاح على المستوى العالمي، ولقد أحدث هذا النجاح وأمثاله تغييراً عميقاً في النفوس والعقول العربية، وظهر في مناسبات عديدة ومنها الاستطلاعات التي تكشف عن رغبة النسبة الكبيرة التي تجاوزت الثمانين بالمائة بالعيش في دولة الإمارات، نتج عنه تغيير كبير قلب حالة الاضطراب الفكري والإحباط النفسي إلى رؤية الآمال الكبيرة التي يمكن أن يصنعها الإنسان العربي وبدأت تتحقق للعرب من هنا أرض الإمارات، وليس أولها «مسبار الأمل»، ولكنه اليوم هو أبعد نقطة في الأمل العربي وأكثره إضاءة وإشراقاً.
وإذا كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حفظه الله وقف مع أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في وسط فريق الإنجاز وقال لهم وهو يخاطب الجيل والأجيال من خلالهم: «مبروكين أنتم علينا، مبروكين انتم على شعب الإمارات، مبروكين على أمتنا العربية». فإنه يريد حفظه الله أن تكون هذه العقول المبدعة أنموذجاً إماراتياً عربياً. وإني لمن تأثير كلامه الحكيم العميق الواعي حفظه الله أقول: مبروكين أنتم علينا قيادةً حباها الله فكراً عالمياً واعياً، وإرادةً قوية حازمة، وبعد نظر ثاقب وطموحاً واسعاً وأنتم تسابقون الزمن لتوجيه سفينة المستقبل وحجز المقعد الأول فيها، مبروكين علينا لأنكم قيادة التأثير والتغيير.
د.فاروق محمود حمادة*
*المستشار الديني بديوان ولي عهد أبوظبي