أحد العناصر المحورية في الاستراتيجية الجديدة للرئيس جو بايدن للتصدي لفيروس كورونا يتمثل في حملة لإعطاء 100 مليون جرعة من اللقاح في 100 يوم، أي إعطاء مليون جرعة لقاح في اليوم. وهذا الهدف، وهو جزء من خطة قومية شاملة تم تدشينها في الأيام القليلة الماضية، أثار أسئلة بشأن مدى السرعة التي تستطيع الولايات المتحدة بها توصيل جرعات اللقاح إلى سكانها. والوثيقة التي بها استراتيجية هذا المسعى تصف هدف إعطاء مليون جرعة في اليوم بأنه «جريء»، ويتعين فيه أن «يقوم كل أميركي بقسط من العمل». لكن منتقدين أشاروا إلى أن هذا الهدف لا يُشكل قفزة كبيرة عن المعدل الحالي الذي يقترب بالفعل من هذا، أو حتى تجاوزه. ويتساءل كثيرون لماذا لا تتحرك البلاد بسرعة أكبر.
وتستطيع الولايات المتحدة الإسراع بخطاها مع زيادة إمدادات اللقاح وتحسن الدعم اللوجستي. لكن في السياق الدولي، فإن مليون جرعة في اليوم ليس إيقاعاً بطيئاً. فهناك اختلافات في عدد السكان والقدرة اللوجستية وشفافية البيانات، بالإضافة إلى المستويات المختلفة من تدقيق اللقاحات قبل استخدامها واختلاف فعالية أنواعها المختلفة، مما يجعل من الصعب المقارنة بين حملات إعطاء اللقاحات في البلاد المختلفة. والولايات المتحدة قريبة من مجموعة الدول السريعة في إعطاء اللقاح وتأتي في مرتبة تالية لبعض الدول الأسرع في إعطاء اللقاحات التي تتضمن إسرائيل وبريطانيا، لكنها متقدمة على معظم باقي العالم. وأكبر عامل يتحكم في معدل توزيع اللقاح هو الإمداد الدولي المتوافر من اللقاح.
ورغم المضي بإيقاع سريع غير مسبوق في تطوير لقاحات فيروس كورونا والموافقة الطارئة عليها، تكافح شركات العقاقير كي تنتج جرعات كافية لتلبية الطلب. وهناك بعض الدول تتلقى عدداً مرتفعاً من الجرعات من إجمالي الإنتاج المحدود بينما يتعين على الآخرين الانتظار دورهم. وحتى الآن، تلقف عدد صغير من الدول الغنية نسبياً من بينهم الولايات المتحدة الإمداد الأولي من اللقاحات، مما جعل الدول منخفضة ومتوسطة الدخل تقف في موضع تال من طابور قد تنتظر فيه سنوات. وتشير بعض التوقعات إلى أن الدول الفقيرة لن تحصل على ما يكفي من اللقاحات حتى عام 2023 أو عام 2024. والدول الغنية قد تكون أفضل حالاً بكثير.
والمفوضية الأوروبية تستهدف إعطاء اللقاح لـنحو 70% من الراشدين في الاتحاد الأوروبي بحلول صيف هذا العام رغم أن تفاصيل الخطة لم تتضح حتى الآن.
وأعلن انطوني فاوتشي، مستشار بايدن ومدير المعهد القومي للحساسية والأمراض المعدية، في الأيام القليلة الماضية أن الولايات المتحدة قد تبلغ «مناعة القطيع» بحلول خريف 2021. فهل ستتحرك الدول الكبيرة الأخرى بإيقاع أسرع من الولايات المتحدة؟ ربما، لكن من الصعب التنبؤ بما سيحدث بسبب مسائل تتعلق بالقدرة على الإنتاج والموافقة المحتملة للقاحات أخرى وتأثير السلالة الجديدة من الفيروس في المملكة المتحدة. لكن الهند تقدم نقطة مقارنة مثيرة للاهتمام. فقد دشنت الهند يوم 16 يناير خطة لإعطاء لقاحات لـ 300 مليون شخص بحلول أغسطس. وهذا المسعى الهندي الذي يتم فيه إعطاء 600 مليون جرعة في 200 يوم تقريبا أكثر طموحا من الخطة الأميركية. لكن عدد سكان الهند يزيد على ثلاثة أمثال عدد سكان الولايات المتحدة.
ووعدت الصين بإعطاء اللقاح لنحو 50 مليون شخص قبل عطلة السنة القمرية الجديدة الشهر المقبل وهو إيقاع سريع فيما يبدو. لكن تقريرا صينياً ذكر أن البلاد قامت بإعطاء 15 مليون جرعة بحلول 20 يناير. وهناك أيضا أسئلة بشأن مدى فعالية اللقاحات صينية الصنع مقارنة بفعالية لقاحات شركات موديرنا وفايزر واسترازينكا المستخدمة في مناطق أخرى.
وعلى سبيل المثال، كان مسؤولون برازيليون قد أعلنوا أن فعالية لقاح من إنتاج شركة «سينوفاك» الصينية بلغت 78% في الوقاية من حالات كوفيد-19 الحادة والمتوسطة. لكنهم اضطروا فيما بعد إلى توضيح أن معدل فعالية اللقاح وسط كل الحالات بلغ 50.4% فقط. وفي نهاية المطاف، فإن أكبر اختلاف في المسعى الأميركي لعملية إعطاء اللقاح والمسعى الصيني هو الحاجة الشديدة إلى الإسراع بالعملية. فالصين لم تسجل إلا أكثر قليلا من 4600 حالة وفاة بسبب كورونا حتى الآن، رغم الشكوك الكثيرة التي تحيط بالبيانات الصينية، بينما سجلت الولايات المتحدة 4409 حالة وفاة في يوم تنصيب الرئيس فحسب.
ايميلي روهالا*
*صحفية متخصصة في الشؤون الخارجية ومراسلة سابقة في آسيا وحصلت على جائزة «أوفرسيز بريس كلوب»
آدم تايلور**
**صحفي متخصص في الشؤون الخارجية.
ـ ــ ـ ــ
* ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيوج نيوز سيرفس»