خلال السنوات الخمس الماضية، انتشرت بشكل واسع على الإنترنت فيديوهات (روبوتات على هيئة كلاب) تُظهرها وهي تفتح الأبواب، وتمارس حركات رياضية، وتسحب شاحنات، وتقوم بأشياء أخرى. وفي زمن الوباء، استُخدمت في تشجيع التباعد الجسدي وتقليص المخاطر بالنسبة للموظفين الطبيين في المستشفيات.
شركة «بوسطن دايناميكس»، التي يوجد مقرها في ولاية ماساتشوسيتس، كانت وراء معظم هذه الأمثلة. غير أن هناك شركة أخرى بصدد إحداث ثورة بخصوص ما تستطيع نسخ آلية لأفضل صديق للإنسان فعله، وتقول إن أحدث ابتكاراتها قد يكون جاهزاً للحرب.
في يناير المقبل، تعتزم شركة «غوست روبوتيكس» المتعاقدة مع وزارة الدفاع الأميركية إطلاق أربعة من روبوتاتها «شبه المستقلة» بقاعدة «تيندل» الجوية في ولاية فلوريدا، في ما يمكن أن يكون خطوة نحو إدخال هذا النوع من الروبوتات إلى مناطق الحروب.
الروبوتات التي تظهر على هيئة كلاب، والمعروفة باسم «فيجن 60»، توصف بأنها تطورٌ أمني، وتُعد جزءاً من مخطط لاستبدال كاميرات المراقبة الثابتة في قاعدة القوة الجوية، وفق الجيش الأميركي. غير أن شركة «غوست روبوتيكس» تتصور سيناريو في المستقبل غير البعيد جداً تتجاوز فيه هذه الآلات مهمة القيام بدوريات فقط.
ويقول «جيرين باريك» المدير التنفيذي لـ«غوست روبوتيكس»:«يمكن أن نراها في مناطق الحروب تشتغل مع القنابل، وفي مهام الاستطلاع، والاستهداف، ربما في 2022 مضيفاً:«إنها يمكن أن تصبح حقاً أفضل صديق للمقاتل في الحرب». ويقول الجيش الأميركي إن الروبوتات لديها إمكانية أن تُستخدم في «حالة طوارئ، أو كارثة، أو عملية عسكرية». وفي قاعدة القوة الجوية، ستمكّن الروبوتات البشر من التركيز على مهمات أخرى.
شركة «غوست روبوتيكس» التي أُسست في 2015 ويوجد مقرها في مدينة فيلادلفيا، صممت بديلاً برياً بأربع أرجل للطائرة من دون طيار لكي «تشعر بالعالم» وتظل محافظة على توازنها عندما تتنقل عبر المياه، والأعشاب الطويلة، وأشكال أخرى من التضاريس. وتقول الشركة إن الكلاب المُحَوسبة تستطيع الاشتغال في درجات حرارة تحت الصفر، وصُممت لتتحرك مثل حيوانات حقيقية. هذه الروبوتات، التي تسمى أيضاً«مركبات برية غير مأهولة»، أو«يو جي في» اختصاراً، تستطيع ارتقاء الدرج والجري، والانقلاب في وضعية مستقيمة إذا أُسقطت أرضاً.
الوصفة السرية هي محركات تتحكم في الأرجل وتتأقلم وفق التغيرات في ضغط الأرض. فالاعتماد على المحركات بشكل رئيسي في التنقل هو ما يميّز آلات «غوست روبوتيكس» عن الأجهزة التي تنتجها «بوسطن دايناميكس»، التي تعتمد على عدد من أجهزة الاستشعار. وتصميم الروبوتات بحيث تسير على أربع أرجل هو تقليص التعقيد الميكانيكي بالمقارنة مع روبوتات أخرى ذات أرجل.
آلات «غوست روبوتيكس» يعادل حجمها حجم كلب مجهزة بكاميرات وأجهزة استشعار لرصد دخلاء على طول محيط القاعدة. وتستطيع الروبوتات التنقل لما يصل إلى سبع ساعات ونصف الساعة قبل أن تحتاج لإعادة شحن. ويمكن تجميع الآلات التي لا تهدف إلى أن تحل محل الكلاب العسكرية الحقيقية، في مدة 15 دقيقة، بينما يمكن استبدال الأطراف التالفة بسرعة أكبر، مثلما يقول باريك. كما أن الآلات مزودة بإمكانية الاتصال اللاسلكي بالإنترنت «واي فاي»، وبنظام الجيل الرابع لنقل البيانات اللاسلكية من أجل إرسال معلومات مباشرة إلى الشخص الذي يشغّلها عن بعد.
وقد باعت «غوست روبوتيكس» أكثر من 100 من الكلاب المحوسبة «الروبوتية» في 2020، وتعتزم بيع أكثر من 250 في 2021. وتُعد الروبوتات جزءاً من طموح الجيش الأميركي إلى تفعيل نظام متطور لإدارة المعركة، يستخدم شبكة من الابتكارات مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات من أجل رصد التهديدات والدفاع ضدها.
الشهر الماضي، استعرضت «الكلاب الروبوتية» قدراتها خلال اختبار أجري بقاعدة تيندل الجوية، حيث شُغّلت باستخدام التحكم عن بعد. وتقول القوة الجوية إنه عندما تتم برمجتها على اتباع طريق دوريات معين، فإنها تتحرك بشكل شبه مستقل، إذ يكون مشغّلها قادراً على التحكم فيها من خلال سماعات الواقع الافتراضي عند الضرورة. وتسمح الكلاب العسكرية للمدافعين الذين سيكونون مشغولين بالقيام بدوريات بالتركيز على التدريب والأمن والوعي الظرفي العام داخل القاعدة الجوية.
وفي سبتمبر الماضي، استُخدمت روبوتات «فيجن 60» أيضاً خلال تمرين عسكري في قاعدة نيليس الجوية في نيفادا.
وتُعد تيندل أول قاعدة عسكرية في الولايات المتحدة تستخدم الروبوتات لدوام كامل، غير أن هذه الخطوة تأتي بعد تعاون بين «غوست روبوتيكس» والجيش الأسترالي. ففي 2019، جرّبت أستراليا هذا النوع من الروبوتات لاكتشاف كيف يمكن للبلد استخدام الروبوتات في «مستقبل الحرب البرية». ويبدأ سعر روبوت واحد من حوالي 100 ألف دولار.
دالفن براون
صحفي أميركي متخصص في الابتكارات
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»