تحظى الأسرة الإماراتية باهتمام كبير من القيادة الرشيدة، التي كرّست جهودها لتحقيق أفضل مستويات المعيشة والرفاهية. وحرصت دوماً على الارتقاء بواقع الأسرة ومستقبلها، وتقديم الرعاية الشاملة لها في مختلف المجالات، إيماناً منها بأن مقياس تقدم الدول وازدهارها يعود بالدرجة الأولى إلى تنمية الأفراد والمجتمعات. والأسرة بلا شك هي نواة المجتمع وقوامه المتين، ولأجل ذلك قامت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بإطلاق وتنفيذ العديد من المبادرات الاجتماعية والاقتصادية، الهادفة إلى الارتقاء بكل الجوانب الحياتية للأفراد والأسر، بهدف ترسيخ مكانة الدولة في مؤشرات الجودة والسعادة والتنمية البشرية، بما يتوافق مع تطلعاتها الواردة في «رؤية الإمارات 2021».
وفي الوقت الذي تفرض فيه مظاهر الاستهلاك الترفي نفسها على الواقع بقوة، بادرت هيئة المساهمات المجتمعية «معاً» بإطلاق برنامجها الجديد «غاية» الهادف إلى تعزيز المعرفة بالإدارة المالية، وذلك بالتعاون مع هيئة أبوظبي للدعم الاجتماعي، بهدف ترسيخ أسس المعرفة بالإدارة المالية، وتمكين الأسر من إدارة شؤونهم المالية بكفاءة، وذلك عبر توفير الأساليب اللازمة كافة لتعزيز مستوى المعرفة اللازم لاتخاذ القرارات المناسبة بشأن إدارة شؤونهم المالية، من أجل توجيه مسار الأسر نحو الاتجاه الصحيح، ورسم خريطة طريق آمنة تضمن لها الرفاه والاستقرار، وجعل إنفاقها ومصروفاتها متوائمة مع إمكاناتها المالية، حتى تتجنب الوقوع في مظاهر الاستهلاك العشوائي، ومظاهر الترف والبذخ والإسراف والتبذير.
وتستمد هذه المبادرة مكانتها من الأهمية الكبيرة لفكرة التخطيط المالي، الذي يؤثر في الاستقرار الأسري، حيث يكفل التخطيط المالي ترتيب سلم الأولويات من المصروفات وعمليات الاستهلاك التي تحتاج إليها الأسر، ويعزز استقرارها ويقوي أركانها وركائزها. ولا يخفى على كثير من الأسر، وتحديداً أولئك الذين خاضوا تجربة الإنفاق العشوائي غير المدروس، المشكلات والتداعيات التي كادت أن تودي بأحوالهم وتزعزع أسرهم وكيانها، وذلك لأسباب يمكن تجاوزها بوعي أكبر، مثل: التوسع في الكماليات، والانسياق خلف القروض الشخصية من دون تصور حقيقي للعواقب المترتبة على التعثر في السداد. كما تأتي هذه المبادرة نظراً لحاجة عدد من فئات المجتمع إلى التوعية والترشيد الاستهلاكي، باعتبارهما من الأمور الأساسية اللازمة لتحسين جودة الحياة، وزيادة منسوب الإنتاج، وتحقيق التنمية والتطور في المجالات كافة لتكون الحياة أكثر راحة واستقراراً.
وتعدّ مبادرة «غاية» في غاية الأهمية والتأثير، وخصوصاً أنها تعتمد في تنفيذها وتحقيق أهدافها على تنظيم ورش عمل وجلسات توعية متخصّصة بضوابط الاستهلاك المسؤول، تمتد على مدار ثلاثة أشهر، بهدف توفير مناخ صحي وسليم لمساندة الأسر في دولة الإمارات في مواجهة ضغوط الحياة، وتدعم التوجهات الحكومية لدولة الإمارات التي تسعى إلى ضمان العيش الكريم، وجودة الحياة للمواطن والمقيم على حدٍّ سواء، كما أنها استكمال لمشروعات وبرامج أخرى مهمة، قامت بها الجهات الحكومية المختلفة التي تعمل في مجالات جودة الحياة والرفاه، وتنمية المجتمع والتلاحم الأسري في الدولة.
ولتأكيد مساعي مؤسسات الدولة المختلفة إلى تحقيق حياة آمنة ومستقرة للأسر في دولة الإمارات، على الصعيدين النفسي والمالي، فإننا نستذكر في هذا السياق مشروع مسح دخل وإنفاق الأسرة 2019 - 2020، الذي أطلقته الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء، وتم الانتهاء منه في أكتوبر الماضي، حيث استهدف أكثر من 20 ألف أسرة مواطِنة ومقيمة، موزعة على إمارات الدولة السبع، ليكون أضخم مشروع إحصائي اجتماعي واقتصادي، يوفر بيانات ومعلومات تساعد صانعي القرار على رسم خطط واستراتيجيات واتخاذ قرارات واعتماد مبادرات، تُعلي من منسوب الاستقرار الأسري، الذي يتطلب في الأساس توفير إمكانيات مالية ومعنوية تسهّل على المجتمع الإماراتي تحقيق آماله وطموحاته التعليمية والصحية، وتلك التي تتعلق بالعمل والمسكن، وغيرها من مسببات الاستقرار الأسري.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية