عندما رحبت الولايات المتحدة الأميركية، على لسان كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر، بمعاهدة السلام التاريخية بين دولة الإمارات وإسرائيل، فقد لفتت إلى أن المعاهدة تمثل مؤشراً على تغيير كبير في منطقة الشرق الأوسط، وأنها تجسد تحولاً نوعياً من شأنه تحريك جمود عملية السلام بين العرب وإسرائيل، وبالفعل فإن سعي دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الاتجاه كسر حاجز الجمود، وسيساهم في تقديم الخير للمنطقة بشكل عام وليس فقط للشعب الفلسطيني وحده، إنه محاولة جادة وجديدة للتوفيق بين دول المنطقة حول مصالحها المشتركة، بدلاً من التركيز على مظالم تاريخية والتشبث بأخطاء الماضي، مما أثبتت التجارب السابقة عدم جدواه.
وقد جاءت معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية كنتاج لجهد مشترك بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية استمر ثلاث سنوات، وكان جهداً مضنياً بالفعل من أجل الوصول إلى حالة من السلام والتعاون، وهو ما سمحت قوة الشجاعة والإيمان بتحقيقه بغية بناء علاقات قوية مع الحلفاء الإقليميين، وسيتوجب على باقي دول الشرق الأوسط فعل الشيء ذاته لتحقيق مستقبل واعد لصالح أجيال الشباب التي تريد عيش حياة أفضل في ظل ظروف متغيرة قد تساهم في صناعة الأفضل بدلاً من المواقف السلبية غير المفيدة، فنحن في منطقة الشرق الأوسط، ومن أجل تحقيق السلام الحقيقي، بحاجة إلى توفير بيئة إقليمية آمنة، وهذا أمر لا يمكن أن يتحقق في ظل التشدد والتطرف ومع وجود مواقف تحاول إعادة المنطقة إلى الخلف، ويجب علينا أن نتخلص من الإرهاب والتطرف حتى تحصل هذه المنطقة على فرص اقتصادية، وحتى يتمكن سكانها من الشعور بأن أطفالهم يمكن أن يعيشوا حياة أفضل من حياتهم الحالية.
كما أنه من شأن هذا الإنجاز الدبلوماسي التاريخي الإماراتي أن يعزز من السلام في منطقة الشرق الأوسط، وفي ذلك شهادة للدبلوماسية الجريئة والرؤية الحصيفة التي تحلت بها قيادة دولة الإمارات.
لذلك يجدر بدول منطقة الشرق الأوسط جميعاً أن تحذوا حذو الإمارات في خطوتها الصائبة والصحيحة والحكيمة، وذلك تحقيقاً لكل ما من شأنه ضمان الرخاء والتقدم وإحقاق السلام في منطقة عانت كثيراً وما زالت تعاني من تبعات الماضي وقراراته الخاطئة التي جلبت للأجيال كثيراً من المعاناة.
إنا ما بذلته قيادة دولة الإمارات الحكيمة، من جهود ضخمة وبنّاءة للتفكير في مستقبل الشعب الفلسطيني، أصبح له صداه الإيجابي والعميق، كما سيكون له دوره المهم في إنهاء الجمود الذي ران على مسارات السلام الإقليمي، وفي تحقيق استقرار المنطقة وازدهارها.. فهذه المنطقة يحق لها أن تعيش في ظروف مستقرة وآمنة ومطمئنة، لكي تتجه نحو المستقبل الواعد بدلاً من أجواء الخلاف والقطيعة والتوتر.
*كاتب كويتي