يشهد العالم الاستعداد لحملة دولية لنشر التوعية عن عادات الطعام المستدام التي تعود بالفائدة على الناس على كوكب الأرض على حد سواء.
هنالك أشخاص يعيشون من أجل الاستمتاع بالأكل، وهنالك أشخاص يأكلون فقط لكي يعيشوا، ولكن أفضل الأمرين هو الحل الوسط.
على الرغم من ضرورة تناولنا لأطعمة مغذية وصحية، إلا أن اختيارنا للطعام يؤثر تأثيراً مباشراً على نمط حياتنا وتعرضنا لبعض الأمراض، مثل السمنة الزائدة ومرض السكري. لقد أصبحت هذه الأمراض أكثر شيوعاً نظراً لقلة الحركة وعدم ممارستنا للتمارين الرياضية.
كما يؤثر نظامنا الغذائي على كوكب الأرض، لأن الطرق التي نتبعها في إنتاج الغذاء واستهلاكه تعد سبباً رئيسياً في خسارة مناطق التنوع البيولوجي، كقطع الغابات، انبعاثات غازات الدفيئة وتلوث مياه البحار والأنهار.
علينا أن نعيد تصور الطريقة التي نأكل بها من أجل ازدهار الإنسان وكوكب الأرض معاً. قد يبدو لنا هذا بأنه طلب هائل وصعب، ولكنه سيعود علينا جميعاً بفوائد صحية.
النظام الغذائي المبني على حماية كوكب الأرض غني بالفوائد الصحية وله تأثير منخفض على البيئة، هذا يحتاج إجراء بعض من التغييرات على عاداتنا الغذائية لضمان غذاء صحي ومستدام للجميع على كوكب الأرض.
تعتبر هذه التغييرات -في طريقة تناولنا للطعام- بسيطة ومباشرة. وخاصة بعد أن أمضينا الأشهر السبعة الماضية في التكيف مع «الوضع الطبيعي الجديد»، ستأتي هذه التعديلات لتكون سهلة جداً. وعلينا ألا ننسى أن جائحة كورونا كوفيد-19 جعلتنا نكثر من تحضير الطعام في المنزل، وتجربة وصفات جديدة متنوعة.
يمكنك تحقيق نظام غذائي مبني على حماية كوكب الأرض من خلال أربعة خيارات غذائية بسيطة، أولها تناول الأطعمة الصحية وتقليل الأطعمة المجهزة مسبقاً، فتناولنا للأطعمة الطازجة (مثل الخضراوات والبقوليات والمكسرات) سيكون صحياً أكثر لأن هذه الأطعمة لا تتطلب قدراً كبيراً من معالجتها، وتحتوي على أقل عدد من المواد المضافة. ويمكن لهذه الأطعمة أن تساعد في تقليل مستوى السعرات الحرارية التي نتناولها ومعالجة السمنة الزائدة.
تأثير الأطعمة الصحية على البصمة البيئية أقل مقارنة مع الأطعمة المعالجة. ويشير أحدث تقرير صادر عن الصندوق العالمي للطبيعة Bending the Curve إلى أهمية وقوة تأثير الأنظمة الغذائية المبنية على حماية كوكب الأرض وقدرتها على حماية الطبيعة.
الخيار الثاني: الإكثار من تناول الخضر وتقليل تناول اللحوم والمنتجات الحيوانية، فالخضراوات والفواكه غنية بالمكونات الغذائية والألياف والبروتين. كما تتطلب كمية أقل من المياه والطاقة ومساحة الأرض مقارنة مع اللحوم والدجاج والأطعمة البحرية ومنتجات الحليب والألبان. ويتطلب إنتاج لحوم الأبقار مساحات أرض أكبر من أي سلعة أخرى، وهو السبب الرئيسي لإزالة الغابات، وانبعاث كميات كبيرة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. التي لها تأثير كبير على التغير المناخي، وبالتالي تشكل خطراً على حياتنا ورفاهيتنا.
الخيار الثالث، يكمن في تناول أطعمة مختلفة، إذ يجب علينا تناول تشكيلة واسعة من الأطعمة لنضمن حصولنا على مجموعة متنوعة وصحية من العناصر الغذائية، وكذلك هو الحال مع كوكب الأرض الذي يستفيد من زراعة المحاصيل المتنوعة، حيث تكون التربة بحالة أفضل عندما تتم زارعة محاصيل مختلفة معاً، ويقل استخدام الأسمدة.
الخيار الرابع: شراء المواد الغذائية المنتجة بشكل مستدام، فلطالما كانت قضية الأمن الغذائي من الأولويات في دولة الإمارات. وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله: «أمننا الغذائي والمائي جزء من أمننا الوطني، واستدامة مواردنا الغذائية والمائية ضمان لاستدامة التنمية في بلدنا».
تركز استراتيجية الأمن الغذائي الوطنية على توفير الغذاء الكافي والآمن والمغذي للأشخاص في دولة الإمارات بأسعار مناسبة في جميع الأوقات، ويشمل ذلك حالات الطوارئ والكوارث. والطريقة المهمة لتحقيق ذلك هي زراعة المواد الغذائية محلياً.
شراء المواد الغذائية المنتجة بشكل مستدام من المنتجين المحليين يعني بأن الطعام الذي يتم استهلاكه تم قطفه طازجاً وتأثيره على البصمة البيئية أقل، لأن هذه المواد الغذائية تتطلب وقتا أقل للشحن والتخزين مقارنة مع المواد الغذائية المستوردة من دول وقارات أخرى. إضافة لذلك، شراء المواد الغذائية المحلية يدعم الشركات المحلية ويتيح المزيد من فرص العمل.
لقد خطت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات كبيرة في هذا المجال، وأصبحت 20% من الخضراوات والفواكه المستهلكة في دولة الإمارات من إنتاج محلي.
معاً، يمكننا ضمان صحة أفضل للجميع في دولة الإمارات العربية المتحدة.
الخطوات الصغيرة في الاتجاه الصحيح، خاصة عندما نتصرف جميعاً في نفس الوقت، نضفي قوة ونحقق التأثير المطلوب. لقد أظهرت الأبحاث أن الأجيال الشابة والنساء من جميع الأجيال ملتزمون باتخاذ خيارات غذائية صحية، من أجلنا ومن أجل كوكب الأرض، تضمنها الأمهات ومقدمو الرعاية الصحة الجيدة لأسرهم وأحبائهم من خلال اتباع نظام غذائي. ويمكن لجيل الشباب من خلال اتخاذ خيارات غذائية أفضل تشكيل مستقبل أفضل لأنفسهم ولكوكب الأرض الذي نتخذه جميعنا موطنا لنا.
*متخصصة في قضايا الاستدامة - جمعية الإمارات للطبيعة بالتعاون مع الصندوق العالمي للطبيعة.