إن النظرية القائلة بأن كمالا هاريس غير مؤهلة لتولي منصب نائب الرئيس، لأن والديها لم يكونا مواطنين أميركيين هي نظرية كارهة للأجانب وخاطئة. لكنها ليست بالضبط نفس نظرية المؤامرة، ومفادها أن الرئيس باراك أوباما لم يولد في الولايات المتحدة على الإطلاق. كانت النظرية الخاصة بمولد أوباما هي نظرية مؤامرة تقوم على كذبة واقعية. حتى دحض هذا النوع من النظرية يمكن أن يكون فكرة سيئة لأنه يميل إلى مساعدة الباطل في الوصول إلى مزيد من الناس، وبعضهم قد يصدق الكذبة.
وفي المقابل، تستند النظرية التي تناهض هاريس إلى ادعاء دستوري هامشي حول معنى كلمات التعديل الرابع عشر. عندما يتعلق الأمر بالادعاءات الدستورية، حتى المتطرف منها، من المهم شرح سبب خطئها من أجل دحضها. لذلك، من المهم والضروري أن نوضح بدقة سبب عدم صحة هذه النظرية من منظور القانون الدستوري. وللقيام بذلك، عليك أن تبدأ بالنظرية نفسها. فهي تبدأ بالحكم الدستوري للمادة الثانية التي تنص على أنه «لا يجوز لأي شخص باستثناء المواطن الطبيعي المولد أو أي مواطن من الولايات المتحدة، وقت اعتماد هذا الدستور، أن يكون مؤهلاً لمنصب الرئيس». وبالتالي فإنه لكي تكون نائب الرئيس، يجب أن تفي أيضاً بالمتطلبات التي تؤهلك لأن تصبح رئيساً.
ووفقاً لنظرية الهجوم، يجب اشتقاق معنى «المولد الطبيعي» من التعديل الرابع عشر، الذي ينص على أن «جميع الأشخاص المولودين أو المتجنسين في الولايات المتحدة، والخاضعين لسلطتها القضائية، هم مواطنون للولايات المتحدة». ويركز الهجوم ضد أهلية هاريس على عبارة «تخضع لسلطتها القضائية». من المفترض أن تكون الفكرة الأساسية هي أن هذه الكلمات تعدّل كلمات «ولدت في.. الولايات المتحدة». تؤكد النظرية أن أطفالاً من أبوين غير مواطنين أميركيين لا يخضعون للولاية القضائية للولايات المتحدة. إذا كان الأمر كذلك، حسب الحجة، فهم ليسوا مواطنين.
فكر في ذلك للحظة. إن قبول هذه النظرية لا يعني فقط أن هاريس غير مؤهلة لشغل منصب نائب الرئيس، بل سيؤدي أيضاً إلى استنتاج أن هاريس ليست مواطنة على الإطلاق. وكذلك الأطفال الآخرون الذين هاجر أبواهم إلى الولايات المتحدة.
إن هذا الهجوم مستمد من هجوم سابق على حق المواطنة، هجوم تم دفعه حديثاً في عام 2018، عندما كتبتُ عنه آخر مرة. لقد تبنت الجماعة المناهضة للمهاجرين هذه الحجة السابقة ووجهتها إلى هاريس. لكنها فكرة غير متماسكة تم رفضها بشكل قاطع من قبل المحكمة العليا منذ أكثر من قرن من الزمان. ففي عام 1898، صدر قرار تاريخي بعنوان «الولايات المتحدة ضد وونج كيم آرك»، ينص على أن أطفال المهاجرين المولودين في الولايات المتحدة مواطنون أميركيون. وذكر ثلاث فئات من الأطفال الذين ربما تم استبعادهم من خلال عبارة «خاضعين لولايتها القضائية»: أطفال الأميركيين الأصليين، وأبناء الدبلوماسيين الأجانب، وأطفال المحتلين الأجانب الذين كانوا يغزون الولايات المتحدة وقت ولادة أطفالهم فيها. ومن الواضح أن هاريس لا تنتمي إلى أي من هذه الفئات.
ويتوافق هذا أيضاً بشكل وثيق مع المعنى الأصلي لعبارة «خاضع لولايتها القضائية» في التعديل الرابع عشر. وقد تم شرح كل هذا بشكل مفيد في مقالة مراجعة قانونية للباحث «جيرارد ماجليوكا»، مؤلف السيرة الذاتية الرائدة لـ«جون بينجهام»، المهندس الرئيسي لتعديل عام 1868.
كان الغرض الأصلي من شرط المواطن الطبيعي المولد في المادة الثانية (التي تعود إلى مسودة دستور 1787) هو على الأرجح منع أجانب معينين من أن يصبحوا مرشحين للرئاسة (لقد كتبت عن هذه القضية أيضاً، منذ عامين في عمود مختلف). يشك «توم لي»، وهو عالم لامع وله ولع خارق بالكشف عن نية واضعي الإطارات الأصلية، في أن هذا الشرط كان يهدف تحديداً إلى منع «ماركيز دي لافاييت»، الذي كان يتمتع بشعبية في أميركا ما بعد الثورة، من أن يصبح القائد العام.
على أي حال، لن يكون هناك سبب معقول لمحاولة تطبيق هذا الاستبعاد على طفل من المهاجرين الذين ولدوا في الولايات المتحدة. وللوصول إلى هذه النتيجة، عليك أن تكون مناهضاً متحمساً للمهاجرين وأن تعارض حق المواطنة تماماً.
والنتيجة هي أن الهجوم على أهلية هاريس هو قضية كراهية للأجانب، وإن كانت ترتدي نظرية دستورية هامشية.
سيكون صناع السياسات فخورين برؤية طفل من المهاجرين يترشح لمنصب نائب الرئيس. ومهما يكن، فقد أدرك هؤلاء الصناع أن الولايات المتحدة كانت أمة من المهاجرين. لقد سمحت المادة الثانية للمهاجرين بأن يتولوا منصب الرئيس، بشرط أن يكونوا مواطنين وقت التصديق. وأضفى التعديل الرابع عشر الطابع الرسمي على حق المواطنة لأبناء المهاجرين. فهذه حقائق قانونية ثابتة، وستبقى كذلك.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»