بدأ الرئيس دونالد ترامب إدارته بكلمة افتتاحية، في 20 يناير 2017، تحدث فيها عن «المذبحة الأميركية»، وقال إن البلاد لديها «نظام تعليم يفيض بالنقود، لكنه يترك طلابنا الصغار محرومين من جميع أنواع المعرفة». وفي خطابه الذي ألقاه عند نصب جبل رشمور التذكاري الوطني في ولاية داكوتا الجنوبية، يوم 3 يونيو الماضي، غيّر ترامب ذلك السرد، وأصبحت المدارس، من وجهة نظره، تعلم الأطفال «كراهية بلادنا بفاشية يسارية متطرفة تطالب بالولاء المطلق». وقال: «إذا كنت لا تتحدث لغتها، وتؤدي شعائرها، وتردد شعاراتها، وتتبع توصياتها، فستخضع للرقابة، والنفي والإدراج في القائمة السوداء والاضطهاد والعقاب».
وألقى ترامب باللوم على المدارس الحكومية، لكونها السبب في القيام بانتفاضات شعبية في جميع أنحاء البلاد، والتي أدت إلى إزالة التماثيل التي تكرِّم قادة الكونفيدرالية والشخصيات التاريخية الأخرى، التي كانت تملك العبيد، مثل جورج واشنطن. وقال: «ضد كل قانون للمجتمع والطبيعة، يتم تعليم أطفالنا في المدرسة أن يكرهوا بلادهم، وأن يعتقدوا أن الرجال والنساء الذين بنوها ليسوا أبطالاً، بل أشرار». وأضاف: «إن النظرة الراديكالية للتاريخ الأميركي عبارة عن شبكة من الأكاذيب، كل فضيلة يتم حجبها، وكل دافع يتم تحريفه، وكل حقيقة يتم تشويهها، وكل خطأ يتم تضخيمه، حتى يتم تطهير التاريخ، ويتم تشويه صورة السجل بشكل غير عادي».
ولن نتطرق إلى المفارقات المتعددة في تلك الاتهامات، وليس أقلها أن ترامب نفسه سخر من أشخاص وأقالهم من وظائفهم لأنهم لم يتفقوا معه، وأخاف الكثير من الأميركيين الذين يقولون إنه يتجاهل المعايير الدستورية ويستخدم الأساليب الأحادية. ويتضمن هذا اللوم إخراج المتظاهرين السلميين بشكل عنيف من متنزه قبالة البيت الأبيض في الأول من يونيو الماضي، حتى يستطيع ترامب السير عبره للوصول إلى الكنيسة، بغية التقاط صورة تذكارية له وهو يحمل الكتاب المقدس.
وسنلاحظ أن ترامب يدفع بوجهة نظر حول التعليم العام في البلاد لطالما أيدها العديد من الجمهوريين: أن المدارس من رياض الأطفال إلى الصف الـ12، ومعها مؤسسات التعليم العالي، هي مصادر التخريب، حيث يقوم المعلمون بتشكيل الأطفال ليصبحوا يساريين سياسياً.
وعلى مدى السنوات الأخيرة، واصل المشرعون المحافظون هجومهم على التعليم الحكومي، وطالبوا بخفض تمويل الكليات والجامعات الحكومية.
وفي الوقت نفسه، أوضحت وزيرة التعليم في إدارة ترامب «بيتسي ديفوس» ازدراءها للمدارس الحكومية، ووصفتها ذات مرة بأنها «طريق مسدود»، وجعلت أولويتها القصوى للتوسع في البدائل للمدارس الحكومية التقليدية.
ويتجاهل هذا النوع من التفكير كلاً من البحث الذي يظهر أن الأسر لها تأثير أكبر بكثير على الميول السياسية للشباب من المدارس، ورسالة التعليم المدرسي، وهي مساعدة الشباب على التعلم ليكونوا مفكرين مستقلين يبحثون الأدلة قبل اتخاذ القرارات.
وكتب «ريان ويرينكا»، معلم الدراسات الاجتماعية بإحدى المدارس الثانوية، على «تويتر»، تصحيحاً لترامب: «السيد ترامب، لقد قمت بتصحيح خطابك: (إن مدارسنا تعلم الأطفال أن يكونوا مواطنين نشطين ومفكرين ناقدين. كما يتم تعليمهم أن ينظروا إلى المؤسسين كبشر وليس كتماثيل. ويُظهر هذا النهج عظمة بلادنا، والعمل متروك للأجيال القادمة لجعلها أعظم)».
وكتب شخص آخر، هو «شاري تورانس كراوس» من مدينة أثينا (بولاية جورجيا) على تويتر: «لقد جعلتني كلمات الرئيس حرفياً أشعر بالغضب. أشعر برغبة في إخباره بأن ليس كل أطفال المدارس الحكومية ينشؤون ليصبحوا ليبراليين، وليس كل أطفال المدارس الخاصة ينشؤوا ليصبحوا محافظين».
*كاتبة متخصصة في مجال التعليم
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»