أكرم ألفي (القاهرة)
في أوكلاهوما لا صوت يعلو على صوت كرة السلة وفريقها الشهير، وفي الظهيرة يتذكر سكانها الأعاصير السنوية التي تهب على الولاية الجنوبية وحرائق الغابات، هذه الولاية التي كثرت بها حوادث إطلاق النار خلال السنوات الأخيرة لا تعرف إلا الهدوء السياسي.
أوكلاهوما هي ولاية جمهورية بامتياز، تذهب أصواتها الـ7 في المجمع الانتخابي إلى المرشح الجمهوري بفارق تصويت يصل إلى أكثر من 30%.
هي نموذج تقليدي للولايات الجنوبية التي انتقلت من اللون الأزرق إلى اللون الأحمر منذ بداية الخمسينيات مع تأييد الحزب الديمقراطي لحركة الحقوق المدنية وللأميركيين من أصول أفريقية.
هذه الولاية الزراعية بامتياز تضم نحو 4 ملايين نسمة فقط، ولا تزيد سنوياً بأكثر من 30 ألف نسمة بنسبة نمو سكاني لا تتعدى 0.7%، في قصة مكررة لتراجع القوة البشرية في ولايات الجنوب نتيجة الانخفاض المستمر في نسبة الشباب.
ومثل كافة ولايات الجنوب، فإن التركيبة الديموجرافية مازالت تميل لصالح الرجل الأبيض بنسبة تبلغ 74%، بينما ارتفعت نسبة اللاتينيين «الهسبانيك» إلى 11.9%، وذوي الأصول الأفريقية إلى 7% والآسيويين إلى 3.1%، بينما مازال الهنود الحمر «السكان الأصليين» يمثلون نحو 9% من السكان.
ويصوت أغلب الرجال البيض بنسبة تزيد عن 70% لصالح المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، فهي ولاية محافظة وبها نفوذ قوي للكنيسة الكاثوليكية والبروستانتية.
أما الكتلة من أصحاب الأصول الأفريقية تصوت بأكثر من 90% لصالح الديمقراطيين ولكن أصواتها لا تستطيع أن توقف طوفان التيار المحافظ الأبيض في الولاية التي شهدت في عام 1921 مذبحة تولسا العرقية التي راح ضحيتها 26 شخصاً من ذوي الأصول الأفريقية في هجوم منظم لمجموعات من البيض تتعاطف مع حركة «كو كلوكس كلان» العنصرية على حي غرينوود الذي كانت تقطنه أغلبية من أصحاب الأصول الأفريقية، ودمرت فيها المجموعات العنصرية 35 مبنى سكني.
وينضم لهذا التوجه الديمقراطي داخل الولاية قسم كبيرة من كتلة اللاتنيين الذي يصوت 705 منهم لصالح المرشح الديمقراطي.
وأوكلاهوما لا تضم أعداداً كبيرة من المهاجرين اللاتينيين القادمين من المكسيك وأميركا اللاتينية بسبب كونها إحدى الولايات الأكثر تشدداً في إجراءاتها ضد المهاجرين غير الشرعيين، حيث تبنت الهيئة التشريعية بالولاية قبل سنوات مشروع قانون لتجريم التواجد غير القانوني بها بعقوبة تصل إلى السجن عامين. فمجلس النواب والشيوخ بالولاية يهيمن عليه الجمهوريون المحافظون المعادون للهجرة غير القانونية.
أوكلاهوما هي ولاية إنتاج الغاز الطبيعي والنفط إلى جانب المنتجات الزراعية، ومع تطور قطاع الطيران والاتصالات والتكنولوجيا الحيوية بالولاية، أصبحت مدينتي أوكلاهوما سيتي وتولسا مركز الاقتصاد في الولاية، بحيث أصبح ثلث السكان يقطنون المناطق الحضرية في المدن الرئيسية.
ونجد أن تأثير الاقتصاد وتواجد أعداد كبية من ذوي الأصول الأفريقية والآسيويين في مدينة أوكلاهوما سيتي يجعل الفارق في المدينة الرئيسية بين المرشحين الجمهوري والديمقراطي لا يزيد عن 3% في آخر عمليتي تصويت، بينما يصل في المقاطعات الريفية إلى 70%!
ففي إحدى مقاطعات أوكلاهوما في انتخابات 2020 حصل ترامب على 90% من الأصوات مقابل 5% فقط لبايدن!.
هذه التركيبة الديموجرافية والاجتماعية والتي تظللها ثقافة محافظة وتقليدية ونفوذ كبير لرجال الدين تمنح الهدوء للولاية الجنوبية، وتجعل أصوات أوكلاهوما الـ7 في جعبة دونالد ترامب قبل بدء سباق البيت الأبيض.