أحمد مراد (واشنطن، القاهرة)
يُعد ملف المناخ أحد أبرز الملفات المطروحة في برامج وحملات السباق الرئاسي الأميركي، حيث يتبنى مرشحا الرئاسة، دونالد ترامب وكامالا هاريس، مواقف متناقضة تجاه كيفية التعامل مع تداعيات التغيرات المناخية.
يشكل تغير المناخ واحدا من أخطر التحديات التي تواجه الولايات المتحدة، وبالأخص مع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي التي تزداد الأضرار الناتجة عنها عاما بعد عام.
وأوضح الخبير المناخي، ورئيس قسم التكنولوجيا الحيوية البيئية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، الدكتور تحسين شعلة، أن التغيرات المناخية تكبد الاقتصاد الأميركي خسائر تُقدر بنحو 150 مليار دولار سنويًا، بحسب تقديرات التقييم الوطني الصادر في أواخر 2023، وهو ما يجعل ملف المناخ يشغل حيزا مهما ومؤثرا في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وذكر شعلة لـ«الاتحاد» أن الانتخابات الرئاسية الأميركية تمثل نقطة تحول حاسمة لمجموعة من المبادرات والقوانين التي تم إقرارها خلال ولاية الرئيس الحالي جو بايدن، ويأمل المعنيون بالملف المناخي تنفيذها حال فوز مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس.
كان الكونغرس الأميركي قد أقر في العام 2022 ما يُعرف بـ«قانون خفض التضخم» بقيمة تتجاوز 430 مليار دولار، وينص على ضخ نحو 370 مليار دولار في برامج الطاقة النظيفة ومواجهة التغيرات المناخية، ويشمل ذلك إعفاء الشركات التي تستثمر في إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة من الضرائب، بالإضافة إلى تقديم كامل الدعم للسيارات والبطاريات الكهربائية والمشروعات الخضراء التي تخدم البيئة وتساهم في إنتاج الطاقة النظيفة، بشرط أن تكون المكونات المستخدمة في هذه المشاريع محلية الصنع.
وقال الخبير المناخي إن فوز هاريس بالرئاسة سيساهم في التركيز على حماية القواعد التي وضعها بايدن من الهجمات القانونية المحتملة، وتأمين التمويل لقانون الحد من التضخم، ومن المتوقع أيضًا أن تكمل هاريس القواعد المتعلقة بالغازات الدفيئة التي لم تكتمل بعد، مثل حدود الانبعاثات لمولدات الطاقة الحالية التي تعمل بالغاز.
وأضاف أنه في حال فوز ترامب بالرئاسة فإن القوانين البيئية ستواجه العديد من الصعوبات والتحديات، فقد تعهدت حملته بتخفيف القيود المفروضة على إنتاج الطاقة، وإلغاء الالتزامات المتعلقة بالأجندة المناخية التي وضعها فريق بايدن، كما يتوقع المراقبون أن يتم تجميد اللوائح التي أقرها بايدن، مع إمكانية أن يقوم ترامب بتوقيع أوامر تنفيذية في أول يوم له في المنصب لتعزيز السيطرة في قطاع الطاقة ودعم الوقود الأحفوري.
وأشار شعلة إلى أن خطط ترامب قد تتضمن الانسحاب من اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، وإلغاء اللوائح التي وضعتها وكالة حماية البيئة، ومن المتوقع أيضًا أن يلغي جميع اللوائح التي يعتبرها ضارة بالصناعة والوظائف، لا سيما أنه يراها مؤيدة للصين ومعادية لأميركا.
من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط بواشنطن، ماركو مسعد، أن الولايات المتحدة تُعاني كثيرًا من تداعيات التغير المناخي، وهو ما يشكل إحدى أخطر التحديات التي تواجه البلاد، لا سيما مع تفاقم الأضرار البيئية والاقتصادية الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، وهو ما يجعل ملف المناخ من الملفات المهمة والمؤثرة في السباق الرئاسي الأميركي.
وأشار مسعد إلى أن مرشحيّ الرئاسة، ترامب وهاريس، يتبنيان مواقف ورؤى متناقضة تجاه ملف المناخ، حيث تسعى هاريس للبناء على السياسات المناخية التي التزمت بها إدارة بايدن، والاستمرار في فرض قوانين بيئية صارمة، بينما يتبنى ترامب مواقف متشددة تجاه السياسات المناخية للحزب الديمقراطي. فقد تعهد بالتخلي عما أسماه «الخدعة الخضراء» لإدارة بايدن، وتعهد بتعزيز إنتاج الوقود الأحفوري مثل النفط والغاز الطبيعي والفحم وبإلغاء أجزاء رئيسة من قانون المناخ الصادر العام 2022.