الأحد 24 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«جورجيا المتأرجحة».. تاريخ هيمنة الجمهوريين «يذهب مع الريح»

ناخبون في مركز للتصويت المبكر في أتلاتنا بولاية جورجيا (رويترز)
18 أكتوبر 2024 00:02

أكرم ألفي (القاهرة)

في اليوم الأول للتصويت المبكر سجلت جورجيا المتأرجحة نسبة مشاركة قياسية بتصويت أكثر من 300 ألف ناخب مقارنة بـ 136 ألفاً في انتخابات 2020، في يوم انتخابي وصفته مؤسسة «جابريل سترلينج» المسؤولة عن الانتخابات في الولاية بأنه «مذهل».
وشهدت جورجيا - موطن رواية «ذهب مع الريح» الشهيرة، فصول تاريخ الولايات المتحدة وتلخص مستقبل أميركا نحو المزيد من التنوع والتعددية العرقية والدينية والثقافية.
فهنا شهدت المزارع قصة «ذهب مع الريح» الشهيرة وانتصار الشمال الصناعي على الإقطاعيين مع استمرار السود أقلية صغيرة تحت هيمنة «السيد الأبيض»، ولكن بعد قرن من الزمن كل شيء تغير هنا في شوارع مدينة اتلانتا ستدرك أن المجتمع الأميركي أصبح أكثر تنوعاً عرقياً، ستشاهد كيف نحتت مياه «الديموجرافيا»، الصخرة لترسم لها ملامح مغايرة.
سكارليت أوهارا «بطلة ذهب مع الريح» لم يعد لها وجود، فمحاولتها البدء من جديد فشلت وذهبت مع الريح، فقد عصفت رياح التغيير الديموجرافي والاجتماعي بكل ما كان يعتبره البعض ثابتا لا يتغير في الجنوب.
جورجيا التي كان يهيمن عليها الرجل الأبيض، أصبحت اليوم إحدى الولايات التي تشهد غروب هذه الهيمنة بتقلص البيض «غير الهسبانيك» إلى نحو 50% فقط من سكانها البالغ عددهم نحو 11 مليون نسمة، فيما أصبح السود 32% من السكان واللاتينيون «الهسبانيك» نحو 12% من السكان والآسيويين نحو 4.5%. 
جورجيا ولاية جمهورية تقليدياً اخترقها بايدن في 2020 بعد نحو 24 عاماً من الانحياز لمرشح الحزب «الأحمر»، فاللون الأزرق لم يغط الولاية سوى مرات قليلة من 1976 مع انتخاب ابنها كارتر والانحياز لبيل كلينتون في 1992. 

صراع شرس على أصوات السود الحاسمة
«إن المهاجرين غير الشرعيين يأخذون وظائف السود ووظائف اللاتينيين»، هكذا تحدث دونالد ترامب في منتصف أكتوبر 2024، موجها خطابه بالأساس إلى الناخبين في جورجيا، فالمرشح الجمهوري يدرك أكثر من أي وقت سبق أن السود واللاتينيين سيحددون مصير الانتخابات في الولاية الجنوبية المتأرجحة. 
ولاية جورجيا انضمت إلى الاتحاد في يناير 1788، وشاركت الولاية في كل الانتخابات الرئاسية باستثناء عام 1864 بسبب الانفصال، وكانت تتبنى القيم المحافظة التقليدية فانحازت إلى الحزب الديمقراطي من 1868 حتى 1960، وانتقلت مع كافة الولايات الجنوبية إلى اللون الأحمر في 1964 رداً على قانون الحقوق المدنية ودفاع الديمقراطيين عن حقوق السود.
ومنذ 1972 حتى عام 2016، أيدت جورجيا المرشح الجمهوري باستثناء عندما كان هناك مرشح ديمقراطي جنوبي، حتى عاصفة فوز بايدن في 2020 على ترامب بفارق لا يزيد على 0.2% بأصوات الولاية الجنوبية، في أضيق هامش فوز في تلك الانتخابات. 
إن فوز بايدن بأصوات جورجيا الـ 16 في المجمع الانتخابي، اعتمد على حشد أغلبية كبيرة من السود، ومن هنا أدرك ترامب وملته أن مفتاح العودة لولاية «ذهب مع الريح» يعتمد على التركيز على الدعاية وسط السود وخاصة من الرجال السود المحافظين الرافضين لقوانين الإجهاض والحديث عن تهديد المهاجرين لوظائفهم في الولاية.
إن ترامب أدرك أن رياح التحول الديموجرافي في جورجيا «عاتية»، فهذه الولاية تسجل أعلى معدلات نمو سكاني سنوياً في الولايات المتحدة بنحو 1% سنوياً نتيجة هجرة مئات الآلاف من السود واللاتينيين من نيويورك والكثير من مناطق الشمال الشرقي إلى هذه الولاية التي تعد أرض الفرص الجديدة في الولايات المتحدة. 
فقد انتقل أكثر من 700 ألف شخص من خلال صافي الهجرة المحلية وما يقرب من 500 ألف شخص من خلال صافي الهجرة الخارجية إلى جورجيا خلال عقد من الزمن. 
وأصبحت جورجيا تحتضن نحو 3.4 مليون نسمة من السود مقابل 2.9 مليون قبل 12 عاماً أي بزيادة تصل إلى نصف مليون شخص، وهو العدد الذي يصنع التحولات السياسية داخل هذه الولاية بحيث أصبح صوت «السود» هو الصوت الحاسم مع غياب مشاهد فيلم «ذهب مع الريح» من الذاكرة!. 
إن هذه الوضعية تمثل صعوبة للمرشح الجمهوري، ولكن في المقابل فإن كاملا هاريس لديها مخاوف كبيرة في جورجيا بسبب تراجع التأييد للمرشحة الديمقراطية بين المنحدرين من أصول أفريقيا. 
والحاجز الرئيسي الذي تسعى هاريس إلى تجاوزه هو احتمال انخفاض إقبال السود على التصويت بعد استطلاع «واشنطن بوست» الخاص بأن نسبة السود الذين سيحرصون على التصويت تراجعت من 74% في انتخابات 2020 إلى 62% في 2024. 
ووسط مخاوف تراجع الإقبال على التصويت، فإن ترامب ركز على الاقتصاد والهجرة في خطابه للمنحدرين من أصول أفريقية وبدا يكرر ما استفاد منه الرجل الأسود خلال فترته الأولى الرئاسية بسبب سياساته الاقتصادية.
وفي النهاية، فإن نتائج جورجيا يوم التصويت قد تظهر متأخرة بسبب انخفاض هامش الفوز لصالح ترامب أو هاريس في هذه الولاية، وقد تحظى النتيجة باهتمام مبالغ فيه لو جاءت نتائج فلوريدا لصالح ترامب وبالتالي تكون أصوات جورجيا هي الحاسمة، ولكن في سيناريو حسم فلوريدا أصواتها مبكراً لصالح هاريس فإن جورجيا ستذهب أصواتها «إلى الريح». 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©