دينا محمود (لندن)
مع تسارع العد التنازلي للانتخابات الرئاسية الأميركية المرتقبة، دعا باحثون متخصصون في التاريخ السياسي للولايات المتحدة، حملتيْ المتنافسيْن على دخول البيت الأبيض، إلى توخي الحذر من أي تطورات غير متوقعة، قد تشهدها الأسابيع القليلة المتبقية، قبل يوم الاقتراع.
ويشير الباحثون في هذا الصدد، إلى ما يُعرف بـ «مفاجأة أكتوبر»، وهو مصطلح تبلور على الساحة السياسية الأميركية للمرة الأولى في ثمانينيات القرن الماضي، لوصف أي تطور مفاجئ قد يشهده السباق الرئاسي في مراحله الأخيرة، بما يرجح كفة أحد المشاركين فيه على الآخر.
وخلال الأيام القليلة الماضية، تجدد الحديث عن هذه «المفاجأة» وإمكانية حدوثها قبل انتخابات الخامس من نوفمبر، على إثر تصريحات أدلت بها هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية السابقة.
فكلينتون حرصت على اغتنام فرصة مقابلة تليفزيونية أُجريت معها مؤخراً، للقول إنها تتوقع حدوث شيء ما في أكتوبر، كما يحدث دائماً، مُحذرةً هاريس، من أنها ستواجه «جهوداً مكثفة لتشويه» صورتها وتقليص فرصها في الفوز.
وبنظر مراقبين، تكتسب تصريحات كلينتون، أهمية خاصة، نظراً لأنها كانت هي نفسها، من بين ضحايا «مفاجأة أكتوبر».
فقبل أقل من شهر من مواجهتها الانتخابية لترامب في نوفمبر 2016، بدأ موقع «ويكيليكس»، نشر آلاف من رسائل البريد الإلكتروني، التي تم قرصنتها من جهاز كمبيوتر يخص رئيس حملتها، ما أذكى الشكوك بشأن اتهامات كانت قد وُجِهَت إليها آنذاك، حول اطلاعها مسبقاً على أسئلة وُجِهَت إليها في مناظرات خاضتها، في إطار الانتخابات التمهيدية بداخل الحزب الديمقراطي.
لكن قائمة ضحايا «مفاجأة أكتوبر» لا تضم هيلاري كلينتون وحدها، فقبل 16 عاماً، كان المرشح جون ماكين على موعد مع مفاجأته المزعجة الخاصة به، قبيل نزاله الانتخابي مع الرئيس الديمقراطي فيما بعد باراك أوباما.
ففي ذلك العام، شهد العالم بأسره أزمة مالية حادة، ما أحدث ركوداً شعر به الناخبون الأميركيون، في أكتوبر 2008، قبل الاقتراع بأسابيع معدودات.
ورغم أن الولايات المتحدة كانت تعاني في ذلك الوقت من أعلى معدل بطالة منذ سنوات، أدلى ماكين بتصريحات مثيرة للجدل، اعتبر فيها أن سياسات الإدارة الجمهورية الحاكمة وقتذاك، ذات أسس قوية، ما فتح الباب أمام أوباما لاتهامه بأنه بعيد عن التواصل مع الأميركيين العاديين، والفوز عليه في نهاية المطاف.
وفي عام 1972، استثمر الرئيس ريتشارد نيكسون مفاجأة مماثلة حتى وإن كانت زائفة، حيث، أعلن مستشاره للأمن القومي هنري كيسنجر، في حينه، عن أن «السلام بات في متناول اليد» بفيتنام، ما يسمح بإنهاء الحرب هناك، ما بدا وفاءً بتعهد كان قد قطعه نيكسون على نفسه، قبل توليه الرئاسة للمرة الأولى قبل ذلك بأعوام، بإسكات أصوات المدافع في هذا البلد الآسيوي.
ورغم أنه قد تبين لاحقاً، كما قالت صحيفة «يو إس آيه توداي» الأميركية على الموقع الإلكتروني لنسختها الأوروبية، أن هذا الإعلان سابق لأوانه بكثير، إذ استمرت الحرب لمدة عامين بعد ذلك، فقد أدت تصريحات كيسنجر إلى تعزيز تقدم نيكسون في استطلاعات الرأي، وقادت إلى فوزه بالانتخابات، عقب الإدلاء بها بأقل من أسبوعين.
ويقول الباحثون الأميركيون، إن المرة الأولى التي شهدت فيها الانتخابات الرئاسية «مفاجأة أكتوبر»، كانت في عام 1840، عندما وجه الرئيس حينذاك مارتن فان بيورين، خلال ذلك الشهر، اتهامات لخصومه السياسيين بالاحتيال وشراء الأصوات والتلاعب فيها، ولكن هذا لم يُجْدِ نفعاً، ليخسر السباق أمام ويليام هنري هاريسون، الذي أصبح تالياً الرئيس التاسع للولايات المتحدة.