السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«ميتشجان المتأرجحة».. بدء غروب هيمنة النقابات العمالية

هاريس خلال تجمع انتخابي في ولاية ميتشجان
7 أكتوبر 2024 22:54

أكرم ألفي (القاهرة)

الساعة 2 فجر الأربعاء 6 نوفمبر، سيحبس العالم أنفاسه أمام خريطة نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في انتظار إعلان نتيجة ولاية ميتشجان أحد أهم الولايات المتأرجحة التي تحمل في جعبتها 15 صوتاً في المجمع الانتخابي (538 مندوباً).. وفي تلك اللحظة قد تعلن الشاشة التحول مجدداً إلى اللون الأحمر وانتصار ترامب بفارق يقل عن 2% على كاميلا هاريس.
سكان ميتشجان سيحملون - على الأرجح - مفاجأة سارة للفريق الجمهوري في انتخابات العام الحالي وهي المفاجأة التي قد تقلب المعادلة وتعيد ترامب إلى المكتب البيضاوي ولكنه سيكون عليه انتظار نتائج الولايات الست المتأرجحة الأخرى وخاصة فلوريدا العصية على التوقع.
إن أهمية معركة ميتشجان انعكست في حرص هاريس على جعل ميتشجان أولى محطاتها في دعايتها الانتخابية، فيما حط ترامب في الولاية عدة مرات مهاجماً تأييد الديمقراطيين للسيارات الكهربائية على حساب صناعة السيارات في ديترويت واتهام بايدن وهاريس بقتل الوظائف في ديترويت، وعاد للولاية مجدداً بعد محاولة اغتياله في جراند رابيدز مع نائبه دي فانس.
منذ انضمام ميتشجان إلى الاتحاد في 1837 كانت الولاية أحد قلاع «الفيل الجمهوري» ولكن «معول» الكساد الكبير حطم هذه القلعة الصناعية لتصبح ولاية مترددة توزع ميولها بين الديمقراطيين والجمهوريين.
واصلت الولاية قصة ترددها بانحيازها الدائم للمرشح الجمهوري من 1972 إلى 1988 وتعود للانحياز للمرشح الديمقراطي من 1992 إلى 2012، هكذا اصطفت ميتشجان مع الديمقراطيين عقدين كاملين جعل البعض ينقلها من الولايات المترددة إلى الولايات الزرقاء قبل أن يأتي ترامب في 2016 ليغير المعادلة بالفوز بالولاية بفارق 0.2% فقط من الأصوات عن هيلاري كلينتون ليعيد إلى ميتشجان قصة ترددها.
في انتخابات 2020، فاز بايدن بولاية ميتشجان بفارق أصوات لا يزيد عن 2.8%، ليعيدها إلى حضن الديمقراطيين ولكن نسبة الفوز أبقى ميتشجان في قائمة الولايات المتأرجحة في الانتخابات الرئاسية.

«غروب النقابات» و«شروق كبار السن»
عند إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية سيكون عدد سكان ميتشجان قد تجاوز 10 مليون نسمة.. هذه الولاية التي تقفز إلى هاوية الانكماش السكاني بسرعة مع نسبة نمو للسكان بلغت أقل من 0.5% سنوياً خلال العقد الأخير.
إن مشهد سكان ميتشجان ينكشف أمامك عند زيارتك للمدينة الأشهر ديترويت التي أصبحت عشرات مبانيها ومنازلها مغلقة مع تراجع قاطنيها من 713 ألفاً إلى 677 ألفاً من 2010 إلى 2020، ولا تتعجب إن علمت أن عدد سكان المدينة بلغ 1.8 مليون نسمة في 1950 أي أنها خسرت أكثر من مليون نسمة في 70 عاماً!!.
فالجميع يغادر ديترويت التي غابت شمسها مبكراً إلى الضواحي البعيدة قبل بدء موجة هجرة إلى خارج الولاية.
بجانب ديترويت (العظيمة سابقاً) هناك عدد من المدن الصغيرة في ميتشجان مثل جراند رابيدز وستيرلنج هايتس ولانسينج وفلينت وان اربور، وهي مدن لا يزيد سكان أي منها عن 200 ألف نسمة.
إن النمو السكاني في ميتشجان ارتبط خلال 100 عام بصناعة السيارات، فهذه الولاية ارتفع سكانها بنحو 30% كل 10 سنوات منذ 1930 إلى 1960 بسبب نمو صناعة السيارات في ديترويت، وتراجع صناعة السيارات في الولايات المتحدة منذ سبعينيات القرن الماضي قاد إلى بدء انخفاض السكان في ولاية السيارات.
هذا التراجع جعل الولاية تخسر كل تعداد سكاني صوتاً في المجمع الانتخابي لينخفض نصيبها من 16 صوتاً في انتخابات 2020 إلى 15 صوتاً فقط في انتخابات 2024 ومقابل 20 صوتاً في السبعينيات من القرن الماضي.
هذا التراجع ساعد في هيمنة الرجل الأبيض «العجوز»، حيث إن فقدان فرص العمل دفع الشباب وخاصة من الأصول الأفريقية والإسبانية إلى مغادرة ميتشجان إلى ولايات أخرى بحثاً عن العمل، بينما استقر كبار السن (فوق 65 عاماً) من البيض في الولاية.
فبحسب أخر بيانات سكانية فإن 73% من سكان ميتشجان هم من البيض إلى جانب أقلية كبيرة من أصحا الأصول الأفريقية (14.1%)، ويمثل اللاتينيون نحو 6% من السكان وباقي السكان من عرقيات مختلفة أكبرهم العرب الذي تصل نسبتهم إلى 2% من سكان الولاية.
ما يقرب من ثلاثة أرباع (73.7%) سكان ميشيجان هم من البيض غير اللاتينيين، لكن الولاية تعد أيضاً موطناً لعدد كبير من السكان ذات الأصول الأفريقية (14.1%)، ثاني أكبر مجموعة حسب العرق أو الإثنية هي السكان من أصل إسباني، والتي تشكل 6%. 
شهدت ميشيغان أيضاً نمواً سكانياً بطيئاً على مر السنين، حيث حصلت على 21 صوتاً في المجمع الانتخابي في السبعينيات ويبلغ الآن 15 صوتاً، بعد خسارتها صوتاً آخر من عام 2020 إلى عام 2024.
إن الناخب المهيمن في ميتشجان هو العامل الأبيض في ولاية «جنرال موتورز» و«فورد»، هذا العامل الذي انحاز للبرنامج الاجتماعي للحزب الديمقراطي خلال العقود الثلاثة الماضية. 
ولكن هذا العامل أصبح مع الوقت متقاعد مع ارتفاع نسبة كبار السن (65 عاماً فيما فوق) إلى أكثر من 15% من سكان الولاية.
إن الحزب الديمقراطي هيمن على ميتشجان بسبب تأييد النقابات العمالية وخاصة اتحاد عمال السيارات والتي تمثل نحو 12% من العاملين في الولاية. 
ولكن ترامب نجح في اختراق هذه النقابات مع تزايد نفوذه وسط نقابة سائقي الشاحنات.
وبالتوازي، فإن زيادة نسبة كبار السن من ناخبي الولاية إلى جانب تراجع أعداد العاملين في المصانع بسبب تدهور صناعة السيارات، جعل الولاية أقرب إلى الجمهوريين أكثر من أي وقت مضى.
فكبار السن من البيض ينحازون تقليدياً إلى الجمهوريين، ومع انقسام الطبقة العاملة في ميتشجان فإن فرص ترامب تزيد. 
وبالنسبة للأصوات المضمونة للديمقراطيين من أصحاب الأصول الأفريقية (95% منهم ميتشجان ينتخبون المرشح الديمقراطي) وكذل العرب (نسبة تأييدهم للديمقراطيين 90%) فإن هاريس تدرك أنها تواجه إشكالية بسبب ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وكذلك هجوم العرب على الإدارة الديمقراطية نتيجة موقفها من أحداث غزة.

ترامب .. الطريق إلى استعادة الانتصار
ترامب يواجه في ميتشجان ما تبقى من قوة النقابات العمالية إلى جانب تراجع أهمية قضية الهجرة في أولويات الناخبين، ولكنه يستفيد من تردي الأوضاع الاقتصادية في الولاية وتحميل الإدارة الديمقراطية هذا التردي وإلقاء اللوم على إدارة بايدن في ارتفاع الأسعار، إلى جانب التعهد بزيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة إلى 20%.
في المقابل، فإن هاريس تكثف من تداعياتها بشأن تحسين أوضاع العمال والطبقة الوسطى عبر خطة حوافز تصل إلى 25 ألف دولار للعازمين شراء منزل لأول مرة والإعفاء الضريبي للعائلات التي لديها طفل حديث الولادة ودعوة الشركات إلى «اللعب وفقاً للقواعد» واحترام حقوق العمال والتعهد بالإعفاء الضريبي لمن يكسبون أقل من 400 ألف دولار من الضرائب الأعلى.
وتشير عدد من استطلاعات الرأي إلى تقدم ترامب في سباق الانتخابات بميتشجان على الرغم من محاولات كاميلا هاريس الدخول في السباق عبر تكثيف الدعاية وسط السود والعرب في الولاية لحشد أكبر عدد من الأصوات.
إن ترامب الذي كسر هيمنة الديمقراطيين على ميتشجان في 2016 عندما هزم كلينتون بفارق 11 ألف صوت فقط ليكون أول رئيس جمهوري يفوز بأصوات ولاية السيارات منذ جورج دبليو بوش في 1988، ولكن في 2020 خسرها بفارق 2.8% من الأصوات لصالح بايدن، ولكن في 2024 يبدو أن ترامب يراهن بقوة على استعادة ميتشجان.
إن ترامب يركز على أصوات كبار السن من البيض القاطنين في الضواحي والأرياف إلى جانب أصوات الشباب غير الحاصلين على مؤهل جامعي من البيض للفوز بميتشجان، مستغلاً إحباط الشباب السود من البطالة وكذلك تردد العرب في التصويت لصالح هاريس بسبب موقفها من أحداث غزة، فالرهان يعتمد على الصوت الأبيض في ظل عدم إقبال السود على التصويت.
إن رهان ترامب على ميتشجان يعتمد أيضاً على أن الفوز سيكسر «الجدار الأزرق» الذي يتضمن إلى جانب ميتشجان كل من بنسلفانيا وويسكونسن وهي الولايات الثلاثة التي تمثل مركز أي انتصار للديمقراطيين بالانتخابات الرئاسية.
إن ترامب يدرك أن ميتشجان ساهمت في فوزه بانتخابات 2016 وأنها اختارت 9 من أخر 12 رئيساً للولايات المتحدة، وبالتالي فإن إعادة الانتصار في الولاية بعد 8 سنوات سيعني على الأرجح العودة إلى البيت الأبيض.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©