أحمد مراد (واغادوغو، القاهرة)
أعلن الجيش المالي، أمس، أنه سيطر على الوضع في العاصمة باماكو، مشيراً إلى إحباط عملية قام بها إرهابيون لمحاولة التسلل إلى أكاديمية لقوات الدرك، في هجوم نادر تشهده العاصمة. وقال الجيش في بيان نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي: «في وقت مبكر من هذا الصباح، حاولت مجموعة من الإرهابيين التسلل إلى مدرسة فالادي لقوات الدرك»، مؤكداً أن «الوضع تحت السيطرة».
وأشارت وزارة الأمن المالية، من جانبها، إلى «هجمات إرهابية» استهدفت «نقاطاً حساسة في العاصمة»، بينها مدرسة الدرك.
وفي وقت لاحق، أعلنت جماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» الإرهابي مسؤوليتَها عن الهجوم، وقالت إنها استهدفت المطار العسكري ومركز تدريب قوات الدرك المالية وسط العاصمة باماكو. وقال الجيش المالي إن عمليات تمشيط جارية، داعياً السكان إلى التزام الهدوء وتجنب المنطقة.
ودوت انفجارات وأصوات إطلاق نار، صباح أمس، وشوهد دخان أسود يتصاعد من منطقة قريبة من المطار في العاصمة باماكو التي عادة ما تكون بمنأى عن الهجمات التي تشهدها مناطق معينة في البلاد. وأعلن مسؤول في المطار أن «مطار باماكو مغلق مؤقتاً بسبب الأحداث»، دون أن يكشف عن مدة هذا الإجراء.
وفي تصريحات للاتحاد، حذّر خبراء في الشؤون الأفريقية من خطورة تطور الوضع الإنساني والأمني في منطقة الساحل، ومن دوره في تهيئة البيئة الخصبة للحركات المتطرفة وفي السماح لها بمزيد من التمدد في مساحة استراتيجية وحيوية من القارة الأفريقية.
وأوضحت مديرة المركز الأفريقي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية «أكريس»، الدكتورة غادة فؤاد، أن دول المنطقة تعيش خلال الفترة الراهنة مراحل صعبة في مواجهة الإرهاب والحركات المتطرفة التي تنتشر في إقليم غرب أفريقيا بشكل عام، خاصة المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، مما دفع الدول الثلاث إلى تشكيل «تحالف دول الساحل» للتصدي بشكل جماعي لهجمات المتطرفين.
وقالت فؤاد لـ«الاتحاد»، إن حياة الملايين في هذه البلدان الثلاثة تأثرت بزيادة حدة المواجهات والمعارك بين قوات الجيش والجماعات الإرهابية، فبحسب تقرير الأمن الغذائي العالمي يتوقع أن تواجه هذه الدول وضع «الكارثة». وذكرت مديرة المركز الأفريقي للأبحاث أن المواجهة مع الجماعات الإرهابية، ومنها «نصرة الإسلام والمسلمين» و«داعش»، أدت خلال عام 2023 إلى نزوح الكثير من السكان، حيث يمارس المتطرفون عمليات قتل على نطاق واسع، ما يُثير الرعب ويدفع السكان إلى الهروب، ومن ثم ارتفع عدد الأشخاص المحتاجين إلى المساعدة الإنسانية خلال هذه الفترة.
وانتقدت فؤاد عدم وجود رؤية جديدة لدى المؤسسات الدولية والأممية تراعي احتياجات الشعوب، وتتغافل عن أن عقاب الأنظمة يعتبر عقابا جماعيا للشعوب وقد يدفع إلى مزيد من التدهور للوضع الإنساني والأمني في منطقة الساحل وإقليم غرب أفريقيا بشكل عام، وهو ما يوفر بيئةً خصبة للحركات المتطرفة تسمح لها بمزيد من التمدد مع غياب أدوات فعالة لدى الدول الوطنية تمكنها من السيطرة على حدودها.
ويتفق الخبير في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، مع الدكتورة فؤاد، إذ يوضِّح أن تأزم الأوضاع الأمنية والاضطرابات جراء تزايد الأنشطة الإرهابية في منطقة الساحل خلال الأعوام الأخيرة خلق أزمةً إنسانية حادة، لا سيما في المنطقة الحدودية بين دول الساحل الثلاث، بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
وكشف زهدي في تصريح لـ«الاتحاد» عن أن التقارير الأممية والدولية تُشير إلى أن المنطقة قد تشهد مزيداً من العمليات الإرهابية خلال الفترة المقبلة، لا سيما مع طول الفترة الانتقالية التي تعيشها حالياً بعض بلدانها، وبالتالي فإن الأوضاع الإنسانية مرشحة للتفاقم بشكل كبير.