شعبان بلال، أحمد مراد (أبوظبي، القاهرة)
تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة وكينيا بعلاقات قوية ومتنامية تعود إلى عقود عدة، وتعززت العلاقات منذ أواخر التسعينات بشكل ملحوظ، وتشمل الشراكة الإماراتية الكينية مجالات مختلفة اقتصادية وتكنولوجية تساهم في تعزيز أواصر العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وتعود العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات وكينيا إلى سبعينيات القرن الماضي، لكن التعاون الاقتصادي الحقيقي بدأ يأخذ منحى جاداً في التسعينيات، وكانت الإمارات أحد أبرز الشركاء التجاريين لكينيا في منطقة الخليج العربي، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري.
وأشاد خبراء ومسؤولون في تصريحات لـ «الاتحاد» بالدبلوماسية الإماراتية التي نجحت في بناء شراكات قوية في القارة الأفريقية، في مقدمتها كينيا كواحدة من أهم الدول وأسرعها نمواً في المنطقة.
شراكة استراتيجية
وقال رامي زهدي، الخبير في الشؤون الأفريقية، إن الإمارات تُدرك أهمية القارة الأفريقية، لا سيما أن هناك 10 دول أفريقية تُعد من الاقتصادات الناشئة، وتمثل وجهات استثمار جذابة، بينما يبقى في القارة السمراء 45 دولة أخرى تمثل فرصاً كبيرة للتعاون البناء.
وأوضح زهدي لـ «الاتحاد» أن كينيا واحدة من الدول الكبيرة والمؤثرة اقتصادياً في القارة الأفريقية، حيث يُعد الاقتصاد الكيني أحد أكثر الاقتصادات الواعدة في أفريقيا، وقد حقق نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.8% في عام 2022، في حين يقدر هذا النمو بنحو 5% في 2023، بينما تشير التوقعات إلى ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بين 4.5 و5.2% في 2024.
واستطرد زهدي: «كينيا دولة محورية تؤثر في عدد كبير من دول الجوار في شرق وجنوب القارة الأفريقية، والإمارات دولة محورية تتمتع برؤية اقتصادية جادة ومثمرة تجاه القارة السمراء، ولذلك سعى البلدين إلى تعظيم علاقات الشراكة الاقتصادية بينهما، وقد أنجزتا محادثات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما، بعدما توصلتا إلى البنود النهائية للاتفاقية، تمهيداً للتوقيع عليها رسمياً، ومن ثم استكمال بقية الإجراءات ذات الصلة، قبل أن تنطلق البلدان إلى مراحل التنفيذ للاتفاقيات التجارية والاقتصادية والاستثمارية بينهما التي تعود بالنفع على الشعبين».
مكانة إماراتية مرموقة
من جانبها، أوضحت السفيرة سعاد شلبي، المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، عضو لجنة الحكماء في «الكوميسا»، أن الإمارات تحظى بمكانة مرموقة داخل أفريقيا، حيث تحرص على إقامة علاقات سياسية واقتصادية ودبلوماسية مع غالبية دول القارة قائمة على أسس ومبادئ التعاون المشترك، وتبادل المصالح، وتحقيق التنمية المستدامة.
وأشارت شلبي في حديثها لـ «الاتحاد» إلى أهمية كينيا كواحدة من أبرز الدول الأفريقية التي تجمعها بالإمارات علاقات دبلوماسية قوية وراسخة، ويعود تاريخ العلاقات الإماراتية الكينية إلى عام 1982 بافتتاح السفارة الكينية في أبوظبي، وفي مرحلة لاحقة، وتحديداً في عام 2012 افتتحت الإمارات سفارتها في العاصمة الكينية، نيروبي.
وشددت الخبيرة في الشؤون الأفريقية على اهتمام كينيا بتطوير علاقاتها السياسية والاقتصادية والدبلوماسية مع الإمارات، مشيدة بحرص قيادتي البلدين على تعميق علاقاتهما المشتركة، وهو ما يظهر جلياً في تعدد الاتصالات واللقاءات المشتركة.
وأشارت الدبلوماسية المصرية إلى أن هناك فرصاً واعدة لتطوير العلاقات الإماراتية - الكينية في مختلف المجالات، وبالأخص مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة المتجددة والبنية التحتية، موضحةً أن إنجاز البلدين للمحادثات الخاصة باتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، يعكس تطور لافت وقفزة نوعية غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الإماراتية الكينية، وهو ما سيؤدي إلى تعظيم حجم التعاون المشترك والمصالح المتبادلة بينهما، لا سيما في المجالات التي تمثل أولويات تنموية في البلدين.
وأشادت بالأهمية التي توليها دولة الإمارات في سبيل تعزيز وتقوية علاقاتها مع مختلف دول القارة الأفريقية، وهو ما يساهم في دفع عجلة التنمية المستدامة، ويدعم كل ما يحقق الأمن والاستقرار والسلام داخل القارة السمراء.
وفي فبراير 2024، وقعت الإمارات وكينيا اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة «CEPA»، والتي تمثل تطوراً مهماً في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز التجارة غير النفطية بين البلدين، وزيادة تدفقات الاستثمار.
شراكات اقتصادية
الخبير والباحث في الشأن الأفريقي، محمد تورشين، قال إن الإمارات أصبحت تدخل في شراكات اقتصادية مع العديد من الدول الأفريقية، وتأتي كينيا كواحدة من أهم الدول التي تتمتع بموقع استراتيجي وتأثير مهم في منطقة القرن الأفريقي والبحيرات العظمى. وأضاف تورشين لـ «الاتحاد» أن الإمارات تسعى لتعزيز علاقاتها الاستراتيجية، وهو ما يعود بنتائج إيجابية في تعزيز العلاقات على المستوى السياسي والاقتصادي والمجتمعي.
نموذج يحتذى به
وقالت نورهان شرارة، الباحثة بالشؤون الأفريقية لـ «الاتحاد»، إن دولة الإمارات تبنت سياسة جديدة في علاقاتها الاقتصادية مع بعض الدول، خاصة الدول الأفريقية من خلال تنمية مسار التجارة البينية غير النفطية.
وأضافت شرارة في تصريح لـ «الاتحاد» أن كينيا تأتي على رأس الدول التي شهدت نمو وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الإمارات من خلال اتفاقية الشراكة الاقتصادية بين البلدين، واصفةً تلك الاتفاقية بـ «الهامة» في سبيل تعزيز العلاقات.
واعتبرت أن الإمارات تفوقت على منافسيها في التواجد الإيجابي داخل القارة السمراء، واختارت نموذجاً يحتذى به من خلال تركيزها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والمنفعة المشتركة بين الدول وتطوير العنصر البشري في القارة الأفريقية مقابل وجودها في السوق الأفريقية الواعدة.