مكة المكرمة (الاتحاد)
يستقبل حجاج بيت الله الحرام وجموع المسلمين في أنحاء العالم، اليوم، أول أيام عيد الأضحى المبارك، حيث يرمون جمرة العقبة، ويتقربون بهديهم، ويحلقون أو يقصّرون شعورهم ليتحللوا من ملابس الإحرام، ويؤدي بعضهم طواف الإفاضة حول البيت العتيق ويسعون بين الصفا والمروة.
ووقف حجاج بيت الله الحرام، أمس، على صعيد عرفات، وأدوا ركن الحج الأعظم، في مشهد إيماني مفعم بالخشوع والسكينة.
وبعد نفرتهم من عرفات استقرت الجموع في مشعر مزدلفة، حيث باتوا ليلتهم، بينما شهدت الحركة المرورية لانتقال الحجاج بين المشاعر، خلال التصعيد والنفرة، انسيابية ومرونة بفضل الجهود الحثيثة التي بذلتها السلطات السعودية، وما وفرته من إمكانات وترتيبات متميزة لتنظيم حركة الحشود والحفاظ على أمنهم وسلامتهم، ولينعم الحجاج بالأمن والأمان والراحة والاطمئنان.
وتوافد حجاج بيت الله الحرام منذ وقت مبكر من صباح أمس، إلى مسجد نمرة في مشعر عرفات للاستماع إلى خطبة عرفة، وأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً، اقتداءً بسنة النبي محمد، صلى الله عليه وسلم.
وقال خطيب يوم عرفة الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي، إن «الحج إظهار للشعيرة وإخلاص في العبادة لله، وليس مكاناً للشعارات السياسية ولا التحزبات، مما يوجب الالتزام بالأنظمة والتعليمات التي تكفل أداء الحجاج لمناسكهم وشعائرهم بأمن وطمأنينة».
وأضاف، أن «الشريعة جاءت بكل ما تزدهر به الحياة، وتحصل به التنمية، ومنعت من الإضرار بالآخرين، أو إلحاق الأذى بهم، وأمرت بالعدل والأخلاق الفاضلة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وصدق الحديث، وحفظ الحقوق مع إيصالها لأهلها، وأداء الأمانات، والوفاء بالعقود والعهود والسمع والطاعة لأصحاب الولاية».
وشدد الشيخ المعيقلي على أن «الشارع الحكيم أكد وجوب المحافظة على الضروريات الخمس التي اتفقت الشرائع على العناية بها وهي، حفظ الدين، والنفس، والعقل والمال والعرض»، واعتبر أن التعدي عليها جريمة تكون سببًا للعقوبة، مشدداً على المحافظة على الضروريات الخمس، مما يؤدي إلى سلامة الخلق واستقرار الحياة وانتشار الأمن، وتمكن الناس من تحصيل مصالحهم الدينية والدنيوية.
وأعلنت الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، أن إجمالي أعداد الحجاج هذا العام، بلغ 1833164 حاجا، منهم 1611310 حجاج قدموا من خارج المملكة عبر المنافذ المختلفة، فيما بلغ عدد حجاج الداخل 221854 حاجّاً من المواطنين والمقيمين.
وبيَّنت «الهيئة» أن عدد الحجاج الذكور من الإجمالي العام لأعداد حجاج الداخل والخارج بلغ 958137 حاجّاً، بينما بلغ عدد الحاجات الإناث من الإجمالي العام لأعداد حجاج الداخل والخارج 875027 حاجة.
من جهتها، ترجمت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، خطبة يوم عرفة إلى 37 لغة عالمية ببث مباشر بـ20 لغة، وترجمة غير متزامنة بـ17 لغة أخرى، مما مكّن المسلمين من متابعة الخطبة عبر منصة «منارة الحرمين»، وقناة الهيئة على منصة «يوتيوب»، وتطبيق «نسك»، وترددات FM في منطقة عرفة.
وأشارت الهيئة، إلى أنها استهدفت من خلال مشروع خادم الحرمين الشريفين لترجمة خطب الحرمين وعرفة، الوصول إلى مليار مستمع لترجمة «خطبة عرفة» هذا العام، فيما أكد رئيس الشؤون الدينية الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، أن ترجمة خطبة عرفة حققت نجاحاً منقطع النظير، وانتشاراً عالمياً كبيراً عبر المنصات الرقمية الدينية للرئاسة، والوصول إلى 621 مليون مستفيد ومستمع في رقم قياسي جديد.
كما جندت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد كل طاقاتها البشرية والآلية، لخدمة ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للحجّ والعمرة والزيارة والبالغ عددهم 3322 حاجاً وحاجة من 88 دولة من مختلف قارات العالم، في مقر إقامتهم أمس، بمشعر عرفات الطاهر وسط منظومة من الخدمات المتكاملة والرعاية الشاملة التي وفرتها الوزارة.
وحرصاً من السلطات السعودية على سلامة ضيوف الرحمن، أعلنت وزارة الصحة السعودية أن أكثر من 112 ألف حاج استفادوا من الخدمات الصحية المتنوعة، حتى يوم عرفة.
وأشارت الصحة إلى أن الخدمات الصحية المقدمة لضيوف الرحمن تنوعت بين عيادات طبية وتخصصية، وصيدليات، ومراكز غسيل الكلى، وغرف العناية المركزة، ووحدات العزل، كما تم إجراء 20 عملية قلب مفتوح، و230 قسطرة قلبية، و819 عملية غسيل كلوي، بالإضافة إلى دخول 2491 من الحجاج إلى المستشفيات والمراكز الطبية لتلقي الرعاية الصحية اللازمة.
وحذرت وزارة الصحة السعودية، الحجاج من التعرض لأشعة الشمس، وأكدت أهمية استخدام المظلات الشمسية بشكل دائم، للوقاية من ضربات الشمس، وخاصة في فترة الذروة من الساعة الـ11 صباحاً إلى الساعة الـ4 عصراً، مبينةً أن موسم حج هذا العام يتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة.
وكشفت الوزارة، عن مشاركة قرابة 35 ألف من منسوبي منظومة الصحة، ومعهم قرابة 5500 من المتطوعين الصحيين بتقديم الرعاية الصحية في جميع المواقع والميادين، وذلك من خلال 189 مستشفى متكاملاً ومركزاً صحياً وعيادات متنقلة، و98 مركزاً إسعافياً، و14 مركز مراقبة صحياً بمنافذ المملكة، و32 شاحنة إمداد متنقلة، و12 مختبراً.
وأشارت الصحة إلى توفر 6515 سريراً تشتمل على أكثر من 800 سرير عناية مركزة لاستقبال الحالات الحرجة، وأكثر من 280 سريراً لضربات الشمس والإجهاد الحراري، و729 سيارة إسعاف، و7 طائرات إسعافية وعربات للطوارئ والاستجابة السريعة، و937 خدمات مركز الاتصال بعدة لغات، إضافة للمستشفى الافتراضي والعيادات الافتراضية التابعة لها، والخدمات الجديدة النوعية.
وفي سياق آخر، عززت المديرية العامة للدفاع المدني في مكة المكرمة، الجهود الميدانية والجولات التفتيشية في مشعر منى لاستقبال ضيوف الرحمن خلال موسم الحج، واتخاذ جميع الإجراءات والرعاية والاهتمام لأمن وسلامة ضيوف الرحمن، وأكدت تنفيذ الخطة العامة للحج لتنفيذ أعمال الدفاع المدني في حالات الطوارئ طوال موسم الحج.
كما سخرت القيادة العامة لطيران الأمن، جميع إمكاناتها من طائرات وكوادر بشرية وفنية، وجدولت طلعات جوية بصفة متواصلة تجوب سماء مكة المكرمة والمشاعر المقدسة لرصد الحالة الأمنية والحركة المرورية لحجاج بيت الله الحرام خلال عملية التصعيد إلى مشعري منى وعرفات والاستقرار في المشعر، ومن ثم النفرة إلى مزدلفة وبقية المواقع بالمشاعر.