أحمد عاطف (بيروت، القاهرة)
اعتبر خبراء ومحللون سياسيون لبنانيون أن إضرابات موظفي القطاع العام تعتبر جزءاً من الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، مشيراً إلى أنه إذا لم يتم التعامل معها بسرعة فإنها قد تؤدي إلى تعطيل مؤسسات الدولة وعملها، وهو أمر ينذر بالخطر.
وشددوا على أن الوضع يتطلب إجراءات عاجلة، بما في ذلك انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، لإيقاف الانهيارات المستمرة من خلال استعادة الثقة العربية ودعم لبنان مالياً، حيث أن الدعم أساسي لاستقرار الوضع المالي بشرط انتخاب رئيس يمكنه إجراء الإصلاحات اللازمة.
وقال الناشط السياسي اللبناني يحيى مولود، إن المشكلة اليوم تتجاوز مجرد الإضرابات، إذ إن أغلب مؤسسات الدولة لا تعمل بطريقة سليمة ولا تقدم الخدمات المطلوبة للجماهير، مضيفاً أن الأمر يرجع إلى عجز السلطة السياسية عن إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وكشف مولود، في تصريح لـ«الاتحاد»، عن أن مؤسسات الكهرباء والمياه والهاتف والعقارية ووزارة المالية، جميعها لا تعمل بشكل جيد، ويعاني الموظفون فيها صعوبات في أداء عملهم بسبب نقص الأوليات وتدهور الرواتب، حيث لا يمكن معالجة هذه الأزمات بحلول مؤقتة تحت أي ضغوط، بل يجب إيجاد حل جذري لدور الدولة ورؤيتها المالية والاقتصادية، من خلال اقتصاد ناجح يخدم الجميع.
وشدد مولود على ضرورة إعادة هيكلة مؤسسات القطاع العام لاستعادة دورها الطبيعي، وتوفير تقديمات مستحقة للموظفين، دون أن تؤثر على الدورة الاقتصادية بشكل عام.
من جانبه، قال الباحث السياسي اللبناني حكمت شحرور، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن القطاعات المرتبطة بالشؤون الحياتية، سواء الصحية أو الاجتماعية أو التعليمية، تعاني مشاكل جذرية وفشلاً كبيراً، ما يجعل من الصعب وجود قطاع لا يعاني المشاكل، ومع ذلك فإن لبنان قابل للنهوض إذا توافرت الإرادة السياسة.
إلى ذلك، قالت أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية في بيروت الدكتورة ليلى نقولا، إن الإضرابات المتكررة في القطاع العام تؤثر بشكل عام على الميزانية، وتزيد من العجز الأساسي الذي كان موجوداً بالفعل، بالإضافة إلى ذلك، عندما كانت الدولة اللبنانية تجبي الضرائب بسعر صرف الدولار الرسمي، كان ذلك يشكل عبئاً إضافياً بسبب الفارق في سعر الصرف.
ولفتت نقولا، في تصريح لـ«الاتحاد»، إلى أن القطاع العام بحاجة إلى إعادة هيكلة وإصلاحات، حيث يوجد العديد من الموظفين الذين لا ينتجون شيئاً، وتم تعيينهم بواسطة الأحزاب، بجانب أن القطاع العام مترهل ومتضخم للغاية وأكبر بكثير من الاحتياجات، والتشريعات الرقابية لا تطبق بشكل فعال بسبب المحسوبيات.
وأوضحت أنه كان من المفترض على الدولة اللبنانية القيام بإصلاحات هيكلية جذرية في القطاع العام قبل زيادة الرواتب، معبرة عن أملها في أن يعود الموظفون إلى مكاتبهم، وأن تتحسن الإدارة بشكل متسق، مما يساهم في زيادة الإيرادات التي تحتاج إليها الخزينة بشكل كبير.